الْإِطْلَاقِ.
وَحَاصِلُ مَا ذَكَرُوا مِنْ ذَلِكَ يَرْجِعُ إلى [إشكالين] :
[الأوَّل] : مَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((مَنْ سنَّ سُنَّةً حَسَنَةً كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجورهم شَيْئًا، وَمَنْ سنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا (?) .
وَخَرَّجَ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((مَنْ دلَّ على خير فله أجر فاعله)) (?) .
فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ صَرِيحَةٌ فِي أنَّ مَنْ سنَّ سُنَّةَ خيرٍ فَذَلِكَ خَيْرٌ، وَدَلَّ عَلَى أنَّه فِيمَنِ ابْتَدَعَ ((مَنْ سَنَّ)) فَنُسِبَ الِاسْتِنَانُ إِلَى المكلَّف دُونَ الشَّارِعِ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ ((مَنْ عَمِلَ سُنَّةً ثَابِتَةً فِي الشَّرْعِ)) لَمَا قَالَ ((مَنْ سَنَّ)) وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((مَا مِنْ نَفْسٍ تُقتل ظُلْمًا إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا لأنَّه أوَّل مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ)) (?) فسنَّ - ها هنا - على حقيقته لأنَّه اخترع [مَا] لَمْ يَكُنْ قبلُ مَعْمُولًا بِهِ فِي الْأَرْضِ بَعْدَ وُجُودِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ((مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً)) أَيْ مَنِ اختراعها مِنْ نَفْسِهِ لَكِنْ بِشَرْطِ أنْ تَكُونَ حَسَنَةً فَلَهُ مِنَ الْأَجْرِ مَا ذُكِرَ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ: من عمل سُنَّةً ثابتةً.
(الثاني) : أنَّ السَّلَفَ الصَّالِحَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَأَعْلَاهُمُ الصحابة - قد