غَيْرِ الْمُبْتَدِعِ فإنَّه إنَّما جَعَلَ الْهِدَايَةَ إِلَى الحق أوَّل مطالبه؛ وأخَّر هواه فجعله بالتَّبَعِ.

وَفَيْصَلُ الْقَضِيَّةِ بَيْنَهُمَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَأمَّا الَّذِين فِى قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابهَ مِنْهُ} - إِلَى قَوْلِهِ - {والرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمنَّا بِهِ كُلُّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} (?) فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُسَمَّى مَنْ هَذِهِ حَالُهُ مُبْتَدِعًا وَلَا ضَالًّا، وإنْ حَصَلَ فِي الْخِلَافِ أَوْ خَفِيَ عَلَيْهِ:

- أمَّا أنَّه غَيْرُ مُبْتَدِعٍ فلأنَّه اتَّبَعَ الأدلة، مُؤخِّراً هَوَاهُ، ومُقدِّماً لِأَمْرِ اللَّهِ.

- وأمَّا كَوْنُهُ غَيْرَ ضَالِّ فلأنَّه عَلَى الْجَادَّةِ سَلَكَ، وَإِلَيْهَا لَجَأَ، فَإِنْ خَرَجَ عَنْهَا يَوْمًا فَأَخْطَأَ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ، بَلْ يَكُونُ مأْجوراً حَسْبَمَا بيَّنه الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ: ((إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أجرٌ وَإِنْ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ)) (?) وَإِنْ خَرَجَ مُتَعَمِّدًا فَلَيْسَ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ خُرُوجَهُ طَرِيقًا مَسْلُوكًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ، وَشَرْعًا يُدَانُ بِهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015