غَيْرِ الْمُبْتَدِعِ فإنَّه إنَّما جَعَلَ الْهِدَايَةَ إِلَى الحق أوَّل مطالبه؛ وأخَّر هواه فجعله بالتَّبَعِ.
وَفَيْصَلُ الْقَضِيَّةِ بَيْنَهُمَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَأمَّا الَّذِين فِى قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابهَ مِنْهُ} - إِلَى قَوْلِهِ - {والرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمنَّا بِهِ كُلُّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} (?) فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُسَمَّى مَنْ هَذِهِ حَالُهُ مُبْتَدِعًا وَلَا ضَالًّا، وإنْ حَصَلَ فِي الْخِلَافِ أَوْ خَفِيَ عَلَيْهِ:
- أمَّا أنَّه غَيْرُ مُبْتَدِعٍ فلأنَّه اتَّبَعَ الأدلة، مُؤخِّراً هَوَاهُ، ومُقدِّماً لِأَمْرِ اللَّهِ.
- وأمَّا كَوْنُهُ غَيْرَ ضَالِّ فلأنَّه عَلَى الْجَادَّةِ سَلَكَ، وَإِلَيْهَا لَجَأَ، فَإِنْ خَرَجَ عَنْهَا يَوْمًا فَأَخْطَأَ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ، بَلْ يَكُونُ مأْجوراً حَسْبَمَا بيَّنه الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ: ((إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أجرٌ وَإِنْ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ)) (?) وَإِنْ خَرَجَ مُتَعَمِّدًا فَلَيْسَ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ خُرُوجَهُ طَرِيقًا مَسْلُوكًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ، وَشَرْعًا يُدَانُ بِهِ.