يكون اتساع المنع في الذريعة وشدته.
وَالْحَاصِلُ مِنْ جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ أنَّ الرَّأْيَ الْمَذْمُومَ مَا بُنِي عَلَى الْجَهْلِ وَاتِّبَاعِ الْهَوَى مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرْجَعَ إِلَيْهِ، وَمَا كَانَ مِنْهُ ذَرِيعَةً إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَ فِي أَصْلِهِ مَحْمُودًا، وَذَلِكَ رَاجِعٌ إِلَى أَصْلٍ شَرْعِيٍّ: فالأوَّل دَاخِلٌ تَحْتَ حَدِّ الْبِدْعَةِ وَتَتَنَزَّلُ عَلَيْهِ أَدِلَّةُ الذَّمِّ، وَالثَّانِي خَارِجٌ عَنْهُ وَلَا يَكُونُ بِدْعَةً أبداً.
فصل
[مَا فِي الْبِدَعِ مِنَ الْأَوْصَافِ الْمَحْذُورَةِ، وَالْمَعَانِي المذمومة]
فَاعْلَمُوا أنَّ الْبِدْعَةَ لَا يُقْبَلُ مَعَهَا عِبَادَةٌ مِنْ صَلَاةٍ وَلَا صِيَامٍ وَلَا صَدَقَةٍ وَلَا غَيْرِهَا مِنَ القُرُبات. ومُجَالِسُ صَاحِبِهَا تُنْزَعُ مِنْهُ الْعِصْمَةُ وَيُوكَلُ إِلَى نَفْسِهِ، وَالْمَاشِي إِلَيْهِ وَمُوَقِّرُهُ مُعِينٌ عَلَى هدمِ الْإِسْلَامِ، فَمَا الظَّنُّ بِصَاحِبِهَا وَهُوَ مَلْعُونٌ عَلَى لِسَانِ الشَّرِيعَةِ، وَيَزْدَادُ مِنَ اللَّهِ بِعِبَادَتِهِ بُعْدًا،؟! وَهِيَ مَظِنَّةُ إِلْقَاءِ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ، وَمَانِعَةٌ مِنَ الشَّفَاعَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ، وَرَافِعَةٌ لِلسُّنَنِ الَّتِي تُقَابِلُهَا، وَعَلَى مُبْتَدِعِهَا إثمُ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلَيْسَ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ، وتُلقى عَلَيْهِ الذِّلَّةُ وَالْغَضَبُ مِنَ اللَّهِ، وَيُبْعَدُ عَنْ حَوْضِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويُخاف عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مَعْدُودًا فِي الْكُفَّارِ الْخَارِجِينَ عَنِ المِلَّةِ، وَسُوءُ الْخَاتِمَةِ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الدنيا، وَيَسْوَدُّ وجهه في الآخرة يُعَذَّبُ بِنَارِ جَهَنَّمَ، وَقَدْ تَبَرَّأَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَتَبَرَّأَ مِنْهُ الْمُسْلِمُونَ، ويُخاف عَلَيْهِ الْفِتْنَةُ فِي الدُّنْيَا زِيَادَةً إِلَى عَذَابِ الْآخِرَةِ.