وَهَذَا التَّعْدِيدُ بحسبِ مَا أَعْطَتْهُ المُنَّة (?) فِي تكلُّف الْمُطَابَقَةِ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، لَا عَلَى الْقَطْعِ بِأَنَّهُ الْمُرَادُ، إِذْ لَيْسَ عَلَى ذَلِكَ دليلٌ شَرْعِيٌّ، وَلَا دلَّ العقلُ أَيْضًا عَلَى انْحِصَارِ مَا ذُكِرَ فِي تِلْكَ الْعِدَّةِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ، كَمَا أَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَى اخْتِصَاصِ تِلْكَ الْبِدَعِ بِالْعَقَائِدِ.

وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: أُصول الْبِدَعِ أَرْبَعَةٌ، وَسَائِرُ الثِّنْتَيْنِ وَالسَّبْعِينَ فِرْقَةً عَنْ هَؤُلَاءِ تفرَّقوا، وَهُمُ: الْخَوَارِجُ، وَالرَّوَافِضُ، والقَدَرية، والمُرجئة.

فَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرَادَ بِتَفَرُّقِ أُمته أُصول [الْبِدَعِ] الَّتِي تَجْرِي مَجْرَى الْأَجْنَاسِ لِلْأَنْوَاعِ، وَالْمَعَاقِدِ لِلْفُرُوعِ لَعَلَّهُمْ ـ والعلم عند الله ـ ما بلغن هَذَا الْعَدَدَ إِلَى الْآنَ، غَيْرَ أنَّ الزَّمَانَ باقٍ وَالتَّكْلِيفَ قَائِمٌ وَالْخَطَرَاتِ مُتوقعة، وَهَلْ قرنٌ أَوْ عصرٌ يَخْلُو إِلَّا وَتَحْدُثُ فِيهِ الْبِدَعُ؟

وَإِنْ كَانَ أَرَادَ بالتفرُّق كُلَّ بِدْعَةٍ حَدَثَتْ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ مِمَّا لَا يُلَائِمُ أُصول الْإِسْلَامِ وَلَا تَقْبَلُهَا قواعدُه مِنْ غَيْرِ التفاتٍ إِلَى التَّقْسِيمِ الَّذِي ذَكَرْنَا كَانَتِ البدعُ أَنْوَاعًا لِأَجْنَاسٍ، أَوْ كَانَتْ مُتَغَايِرَةَ الأُصول وَالْمَبَانِي.

فَهَذَا هُوَ الَّذِي أَرَادَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ـ وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ ـ فَقَدْ وُجِدَ مِنْ ذَلِكَ عَدَدٌ أكثر من اثنتين وسبعين.

المسألة السابعة

أَنَّهُ لَمَّا تَبَيَّنَ أَنَّهُمْ لَا يتعينَّون فَلَهُمْ خواصٌ وعلاماتٌ يُعرفون بِهَا، وَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ: علامات إجمالية، وعلامات تفصيلية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015