الباب السابع
[في الابتداع، هل يختصُّ بالأُمور العباديَّة؟ أو يدخل في العاديَّات]
أفعالُ الْمُكَلَّفِينَ ـ بِحَسَبِ النَّظَرِ الشَّرْعِيِّ فِيهَا ـ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ مِنْ قَبِيلِ التَّعَبُّدَاتِ.
وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ مِنْ قَبِيلِ الْعَادَاتِ.
فأمَّا الأوَّل: فلا نظر فيه ها هنا.
وأمَّا الثَّانِي: ـ وَهُوَ الْعَادِيُّ ـ فَظَاهِرُ النَّقْلِ عَنِ السَّلَفِ الأوَّلين أنَّ الْمَسْأَلَةَ تَخْتَلِفُ فِيهَا، فَمِنْهُمْ مَنْ يُرشد كلامُه إِلَى أنَّ الْعَادِيَّاتِ كالعباديَّات، فَكَمَا أنَّا مَأْمُورُونَ فِي الْعِبَادَاتِ بِأَنْ لَا نحدث فيها، فكذلك العاديات وَالْجِنَايَاتُ كُلُّهَا عَادِيٌّ، لأنَّ أَحْكَامَهَا مَعْقُولَةُ الْمَعْنَى، وَلَا بُدَّ فِيهَا مِنَ التَّعَبُّدِ، إِذْ هِيَ مُقَيَّدة بأُمور شَرْعِيَّةٍ لَا خِيرَةَ للمكلَّف فِيهَا، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ ظَهَرَ اشْتِرَاكُ الْقِسْمَيْنِ فِي مَعْنَى التَّعَبُّدِ، فَإِنْ جَاءَ الِابْتِدَاعُ فِي الأُمور الْعَادِيَّةِ مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ، صَحَّ دُخُولُهُ فِي العاديَّات كَالْعِبَادِيَّاتِ، وَإِلَّا فَلَا.