الوزارة أن يكون تحقيقه على نسخة مخطوطة من "المختصر"، وبعد إلاطلاع على شريط مصور عن نسخة مخطوطة محفوظة في دار الكتب الصرية برقيم (179 - حديث)، تبين لي أنها نسخة سيئة لا تصلح للمقابلة، ويبدو أن ناسخها- ولم أعرف هويته- قد تصرف في بعض المواطن من الكتاب دون أن ينبه على ذلك، فهو مثلاً قد حذف لفظة "باب" من كل أبواب الكتاب، فهو يقول: "الحياء من الإيمان" بدل "بادٍ الحياء من الإيمان" و"الشرك أكبر الكبائر" مكَان "باب الشرك أكبر الكبائر" وهكذا إلى آخر الكتاب. وهو إلى ذلك جعل هذه العناوين على هامش الكتاب، وهي في جميع النسخ التي وقفنا عليها في صلب الكتاب. وأيضاً فقد كتب في أوله بجانب كل حديث عدده التسلسلي: الحديث الأول، الحديث الثاني. وهكذا إلى الحديث السابع عشر. ثم أخذ يكتب ذلك بالأرقام: الحديث 18 وهكذا إلى الحديث (60) ثم أمسك فلم يكتب بعده شيئاً! وكذلك كتب بجانب بعض الكتب عدد أحاديث الكتاب، فقال مثلاً: "كتاب النفقات" أحاديثها 28. ولم يكتب مثله في عامة كتب الكتاب! وقابلت عشرة أحاديث من أولها بأصلنا الهندي الصحيح على "مسلم" فظهر الاختلاف في عشرين موضعاً منها، ما بين زيادة ونقص، واختلاف في اللفظ. من أجل ذلك لم تحصل الثقة بهذه النسخة، لا سيما وهي حديثة المعهد، فقد كتبت سنة (1174)، فلم يجز الاعتماد عليها في المقابلة، فسافرت إلى القاهرة، وبعد دراسة النسخ الموجودة بدار الكتب، وقع اختياري على النسخة المحفوظة في الخزانة التيمورية تحت الرقم (533 - حديث)، ووجدت نسخة أخرى في معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية مصورة من مكتبة الرباط في المغرب، وأصلها مشرقي كما يدل عليه خطبها، وهاتان النسختان هما أصح النسخ التي وقفت عليها, ولذلك اعتمدتهما في المقابلة. وقد كُتبت نسخة المعهد سنة إحدى وستين وسبعمائة. ولم أجد عليها ما يدل على اسم كاتبها. وأما النسخة التيمورية، فقد كتبها عبد القادر بن عبد الباقي البعلي الحنبلي سنة ثمان عشرة وتسعمائة، وهي نسخة مقابلة ومصححة، ولكنها مشوشة الترتيب في أوراقها من قبل المجلد لها, ولذلك فقد لاقينا بعض التعب في المقابلة بها.
وقد كشفت المقابلة أن لا اختلاف يذكر بين المخطوطتين وبين الأصل بما دعانا إلى أن نجعل المقابلة على الخطة التالية:
1 - اعتبرنا الأصل النسخة الهندية التي كنت استنسختها من "السراج الوهاج"، وذلك لسببين:
الأول: أنها نسخة جيدة، وحسبك دليلاً على ذلك أنها منسوخة عن نسخة كتبت في عصر المؤلف المنذري. وذلك سنة ثمان وسبعين وستمائة، أي بعد وفاته باثنين وعشرين سنة، فالظاهر أنها نسخت عن نسخة المصنف رحمه الله تعالى، ولذلك اعتمدها العلامة صديق حسن خان، فبنى عليها شرحه.
والآخر: أنني قابلتها على أجل الأصل، وهو "صحيح مسلم" طبع استنبول، وهي طبعة جيدة محققة تحقيقاً دقيقاً، قام به طائفة من أهل العلم والفضل، فكل خلاف لفظي أو نحوي وجدناه بين أصلنا هذا وبين النسختين لم نلتفت إليه لما ذكرنا. ومن الأمثلة على ذلك الحديث (1810) فقد وقع في الأصل: "بايعن النبي". وكذا في "مسلم" وأما المخطوطتان ففيهما "بايعن رسول الله".