(وفي روايةٍ: أن فاطمةَ والعباسَ عليهما السلام أَتَيا أبا بكرٍ يَلْتَمِسَانِ مِيراثَهُما من رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وهما حينئذٍ يطلُبانِ أرْضَيْهِما مِن (فَدَكٍ)، وسَهْمَهُما من (خيبرَ)، فقالَ لهما 7/ 3) أبو بكرٍ: إنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:
"لا نُورَثُ، ما تَرَكْنا صَدَقَةٌ، [إنما يأكلُ آلُ محمدٍ من هذا المال-[يعني: مالَ اللهِ- ليس لهم أن يزيدوا على المأكلِ] ". قال أبو بكر: واللهِ لا أدَعُ أمراً رأيتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يصنَعُهُ فيه إلا صنعْتُه]، فغَضِبَتْ فاطمةُ بنتُ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فهَجَرَتْ أبا بكرٍ، [فلم تُكَلِّمْهُ]، فلم تَزَلْ مهاجِرَتَهُ حتى تُوُفِّيَتْ، وعاشَتْ بعدَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ستَّةَ أشْهُرٍ.
[فلما تُوُفِّيَتْ دَفَنَها زوجُها عليٌّ ليلاً، ولم يُؤْذِنْ بها أبا بكرٍ، وصلَّى عليها، وكان لعليٍّ من الناس وَجْهٌ حياةَ فاطمةَ، فلما توفيتِ اسْتَنْكَرَ عليٌّ وُجوهَ الناسِ، فالتمَسَ مُصالحَةَ أبي بكرٍ ومُبايَعَتَهُ، ولم يكنْ يبايِعُ تلك الأشْهُرَ، فأرسلَ إلى أبي بكرٍ: أنِ ائْتِنا، ولا يَأْتِينَا أحدٌ معكَ؛ كراهيةً لِمَحْضَرِ عُمر، فقالَ عُمرُ: لا واللهِ؛ لا تَدْخُلُ عليهِم وحدَكَ، فقال أبو بكرٍ: وما عَسَيْتَهم أن يَفْعَلُوا بي، واللهِ لأتِيَنَّهُم، فدَخَلَ عليهم أبو بكرٍ، فتشهَّدَ عليٌّ، فقال: إنَّا قد عَرَفْنا [يا أبا بكر! 4/ 210] فَضْلَكَ وما أعطاك اللهُ، ولم نَنْفَسْ عليك خيراً ساقَهُ اللهُ إليك، ولكنَّكَ اسْتَبْدَدْتَ علينا بالأمرِ، وكنا نرى لِقَرابَتِنا من رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَصِيباً، حتى فاضت عينا أبي بكر، فلمَّا تكلَّمَ أبو بكرٍ قال: والذي نفسي بيدِهِ؛ لَقَرَابةُ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أحَبُّ إليَّ أنْ أصِلَ مِن قرابتي، وأما الذي شَجَرَ بيني وبينكُم مِن هذه الأموالِ؛ فلم آلُ فيها عن الخيرِ، ولم أتركْ أمراً رأيتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يصنَعُهُ فيها إلا صَنَعْتُه، فقال عليٌّ