عبدُ اللهِ بنُ رَوَاحَةَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَاغْشَنَا بِهِ فِى مَجَالِسِنَا، فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ. فَاسْتَبَّ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ؛ حَتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ (?) , فَلَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُخَفِّضُهُم، حَتَّى سَكَنُوا.
ثمَّ رَكِبَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - دَابَّتَهُ فَسَارَ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ: النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:
"يَا سَعْدُ! أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ؟ -يُرِيدُ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ- قَالَ كَذَا وَكَذَا». قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! [بأبي أنْتَ]؛ اعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ عَنْهُ، فَوَالَّذِى أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ؛ لَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالْحَقِّ الَّذِى أَنْزَلَ عَلَيْكَ، [و] لَقَدِ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ الْبُحَيْرَةِ (وفى روايةٍ: البَحْرَةِ) عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ، فَيُعَصِّبُونَهُ بِالْعِصَابَةِ (?)، فَلَمَّا أَبَى (وفى روايةٍ: ردَّ) اللَّهُ ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِى أَعْطَاكَ اللَّهُ؛ شَرِقَ (?) بِذَلِكَ، فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ ما رَأَيْتَ. فعَفا عنهُ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم.
وَكَانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ؛ كَمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ، وَيَصْبِرُونَ عَلَى الأَذَى، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} الآيَةَ، وَقَالَ اللهُ: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} إلى آخرهِ الآيةِ.
وَكَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَأَوَّلُ الْعَفْوَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ؛ حَتَّى أَذِنَ اللَّهُ فِيهِمْ، فَلَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَدْرًا، فَقَتَلَ اللَّهُ بِهِ [مَنْ قتَلَ مِنْ] صَنَادِيدِ [الـ] كفَّارِ [وسادَةِ] قريشٍ ,