وَجْهُهُ مِنَ السُّرُور:
«أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ». قَالَ: قُلْتُ: أَمِنْ عِنْدِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: «لاَ؛ بَلْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ»، وكانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ , وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ، فَلَمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ؛ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ مِنْ تَوْبَتِى أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِى صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:
«أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ». قُلْتُ: فَإِنِّى أُمْسِكُ سَهْمِى الَّذِى بِخَيْبَرَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا نَجَّانِى بِالصِّدْقِ، وَإِنَّ مِنْ تَوْبَتِى أَنْ لاَ أُحَدِّثَ إِلاَّ صِدْقَّا مَا بَقِيتُ، فَوَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَبْلاَهُ اللَّهُ (?) في صِدْقِ الْحَدِيثِ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحْسَنَ مِمَّا أَبْلاَنِى، مَا تَعَمَّدْتُ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى يَوْمِى هَذَا كَذِبًا, وَإِنِّى لأَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِى اللَّهُ فِيمَا بَقِيتُ.
وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ والأنْصارِ} إلى قَوْلِهِ: {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}، فَوَاللَّهِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَىَّ مِنْ نِعْمَةٍ قَطُّ -بَعْدَ أَنْ هَدَانِى لِلإِسْلاَمِ- أَعْظَمَ فِى نَفْسِى مِنْ صِدْقِى لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ أَنْ لاَ أَكُونَ (?) كَذَبْتُهُ فَأَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا، فَإِنَّ اللَّهَ تعالى قَالَ لِلَّذِينَ كَذَبُوا حِينَ أَنْزَلَ الْوَحْىَ شَرَّ مَا قَالَ لأَحَدٍ، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {[يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ