عليهِ [مِن ساعتهِ، فسَكَتْنا]، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ (?)، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ الْعَرَقِ مِثْلُ الْجُمَانِ، وَهْوَ فِى يَوْمٍ شَاتٍ؛ مِنْ ثِقَلِ الْقَوْلِ الَّذِى أُنْزِلَ عَلَيْهِ، قَالَتْ: فَسُرِّىَ (?) عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يَضْحَكُ، [وهو يمْسَحَ جبينَهُ] , فَكَانَتْ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ:

" [أبشرى] يا عائشةُ! أمّا (وفى روايةٍ: احمدى) اللَّهُ فَقَدْ بَرَّأَكِ", قَالَتْ: [وكنتُ أشدَّ ما كنتُ غضباً]، فَقَالَتْ لِي أُمِّى: قُومِى إِلَيْهِ. فَقُلْتُ: لاَ وَاللَّهِ لاَ أَقُومُ إِلَيْهِ، [وَلاَ أَحْمَدُ، ولا أحمَدُكُما] , فَإِنِّى لاَ أَحْمَدُ إِلاَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ [الَّذِى أَنْزَلَ بَرَاءَتِى، لَقَدْ سَمِعْتُمُوهُ فَمَا أَنْكَرْتُمُوهُ، وَلاَ غَيَّرْتُمُوهُ] , قَالَتْ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} العَشْرَ الآياتِ [كلَّها 8/ 214].

ثم (وفي روايةٍ: فلمَّا) أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا فِى بَرَاءَتِى؛ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ -وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ-: وَاللَّهِ لاَ أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِى قَالَ لِعَائِشَةَ مَا قَالَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تعالى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ} [إلى آخر الآية؛ يعنى: أبا بكر {وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ} يعنى: مِسْطَحاً] إلى قوله: {[أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ] غَفُورٌ رَحِيمٌ} , قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: بَلَى وَاللَّهِ؛ إِنِّى لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي. فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِى كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَالَ وَاللَّهِ لاَ أَنْزِعُهَا عَنْهُ أَبَدًا.

قَالَتْ عَائِشَةُ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَأَلَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِى، فَقَالَ: لِزَيْنَبَ: «مَاذَا عَلِمْتِ أَوْ رَأَيْتِ؟». فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَحْمِى سَمْعِى وَبَصَرِى؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015