وقالَ: أُوْصي الخليفةَ مِن بعدي بالمهاجرينَ الأولِينَ؛ أن يَعْرِفَ لهُم حقَّهُم، و [أن]، يحفظَ لهُم حُرْمَتَهُم، وأُوْصِيهِ بالأنصارِ خيراً؛ الذينَ تَبَوَّؤا الدارَ والإيمانَ مِن قَبْلِهِم (وفي روايةٍ: من قبلِ أن يهاجرَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - 6/ 59)؛ أنْ يُقْبَلَ مِن محسِنِهِم، وأن يُعْفَى عن مُسِيئِهم، وأوصيهِ بأهلِ الأمصارِ خيراً؛ فإنَّهُم رِدْءُ الإسلامِ، وجُباةُ المالِ، وغَيْظُ العدوِّ، وأنْ لا يُؤخَذَ منهم إلا فَضْلُهُم عن رِضاهُم، وأوصيهِ بالأعراب خيراً؛ فإنهُم أصلُ العربِ، ومادةُ الِإسلامِ؛ أنْ يؤْخَذَ مِن حواشي أموالِهم (?)، وتُرَدَّ على فقرائِهِم، وأوصيهِ بذمَّةِ اللهِ وذمَّةِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ أنْ يُوفَى لهم بعهدِهِم، وأنْ يُقاتَلَ مِن ورائِهِم (?)، و [أن]، لا يُكَلَّفُوا إلا (وفي روايةٍ: فوق) طاقَتِهم (ومن طريق آخر: أُوصيكُم بذمةِ اللهِ، فإنه ذِمَّةُ نبيِّكم، ورزقُ عِيَالِكُم 4/ 64).
فلما قُبِضَ خرجتا به، فانطلَقْنا نمشي، فسلَّمَ عبدُ اللهِ بنُ عمرَ؛ قالَ: يستأذِنُ عمرُ بنُ الخطابِ. قالت: أدْخِلوهُ، فأُدْخِلَ، فوُضِعَ هنالك مع صاحِبَيْهِ.
فلما فُرِغَ مِن دفْنِهِ اجْتَمَعَ هؤلاءِ الرَّهْطُ، فقالَ عبدُ الرحمنِ: اجْعَلوا أمرَكُم إلى ثلاثةٍ منكُم. فقالَ الزبير: قد جعَلْتُ أمري إلى عليٍّ. فقالَ طلحةُ: قد جعلتُ أمري إلى عثمانَ. وقالَ سعدٌ: قد جعلت أمري إلى عبدِ الرحمنِ بنِ عوفٍ. فقالَ عبد الرحمنِ: أيُّكُما تَبَرّأَ من هذا الأمرِ فنجعَلُهُ إليهِ؟ واللهُ عليه (?) والِإسلامُ، لَيَنْظُرَنَّ أفضَلَهُم في نفسِهِ. فأُسْكِتَ الشيخانِ، فقالَ عبدُ الحمنِ: أفتَجْعَلونَهُ إلي واللهُ