والقَذَى، [ثم أمرتُهُ أنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ، فقالَ: هكذا]، قالَ: فرأيتُ البراءَ يضرِبُ إحدى يَدَيْهِ على الأخرى ينفُضُ، فحَلَبَ في قَعْبٍ (?) كُثْبَةً مِن لَبَنٍ، ومعي إداوَةٌ [من ماءٍ عليها خِرقةٌ قد روَّاتُها لرسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -]، حملْتُها للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَرْتوي منها؛ يَشْرَبُ ويتوضأ.
فأتيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكَرِهْتُ أن أُوقِظَهُ، فوافَقْتُهُ حينَ استيقَطَ، فصبَبْتُ من الماءِ على اللبنِ حتى بَرَدَ أسفَلُهُ، فقلتُ: اشْرَبْ يا رسولَ اللهِ! قالَ: فشَرِبَ حتى رَضِيْتُ، ثم قالَ:
"ألم يانِ للرحيلِ؟ "، قلتُ: بلى، قالَ: فارْتَحَلْنا بعدما مالتِ الشمس [الطلبُ في أثرِنا]، واتَّبَعَنَا سراقةً بنُ مالِكٍ، فقلتُ: أُتِينا يا رسولَ اللهِ! فقالَ:
"لا تَحْزَنْ إن اللهَ مَعَنا"، فدعا عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فارْتَطَمَتْ (?) (وفي روايةٍ: فساخت 4/ 259) به فرسُهُ إلى بَطْنِها، أُرَى في جَلَدٍ مِن الأرض -شكَّ زهيرٌ- فقالَ: إني أُراكُما قد دعوتُما عليَّ، فادْعُوَا لي، فاللهُ لكُما أنْ أرُدَّ عنكُما الطَّلَبَ (وفي روايةٍ: ادعُ اللهَ لي ولا أضُرُّك)، فدعا لهُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فنَجا، فجَعَلَ لا يَلقى أحداً إلا قالَ: كَفَيْتُكُم ما هنا، فلا يَلْقى أحداً إلا رَدَّهُ. قالَ: ووَفَى لنا.
[قالَ البراءُ: فدخلتُ مع أبي بكرٍ على أهلِهِ، فإذا عائشةُ ابنتهُ مضطجِعَةٌ قد أصابَها حُمَّى، فرأيتُ أباها فقبَّلَ خدَّها، وقالَ: كيف أنتِ يا بُنَيَّةُ؟ 4/ 262].