ثم أنشد ورقة:
لججت , وكنت في الذكرى لجوجًا ... لهمّ طالما بعث النشيجا
ووصف من خديجة بعد وصف ... فقد طال انتظاري يا خديجا
ببطن المكتين على رجائي ... حديثَك أن أرى منه خروجا
بما خبرتنا من قول قُس ... من الرهبان أكره أن يعوجا
بأن محمدًا سيسود قومًا ... ويخصم من يكون له حجيجا
ويظهر في البلاد ضياء نور ... يقيم به البرية أن تموجا
فيلقى من يحاربه خسارا ... ويلقى من يسالمه فلوجا
فيا ليتي إذا ما كان ذاكم ... شهدت وكنت أولهم ولوجا
ولوجًا بالذي كرهت قريش ... ولو عَجّت بمكتها عجيجا
أرَجّي بالذي كرهوا جميعا ... إلى ذي العرش -إن سفلوا- عروجا
وهل أمر السفالة غير كفر ... بمن يختار من سَمَك البروجا
فإن يبقوا وأبقَ تكن أمور ... يضج الكافرون لها ضجيجا
وإن أهلك فكل فتى سيلقى ... من الأقدار متلفة خروجا
فلم يلبث ورقة أن توفي، وفتر الوحي. حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم حزنا شديدا. حتى كان يذهب إلى رءوس شواهق الجبال، يريد أن يلقي بنفسه منها، كلما أوفى بذروة جبل تَبَدَّى له جبريل عليه السلام، فقال: يا محمد، إنك رسول الله حقا " فيسكن لذلك جأشه، وتَقَر نفسه،