قتال أهل الردة وصورة الردة: أن العرب افترقت في ردتها. فطائفة رجعت إلى عبادة الأصنام. وقالوا: لو كان نبيا لما مات. وفرقة قالت: نؤمن بالله ولا نصلي. وطائفة أقروا بالإسلام وصلوا. ولكن منعوا الزكاة. وطائفة شهدوا أن لا إله إلا الله! وأن محمدا رسول الله. ولكن صدقوا مسيلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم أشركه معه في النبوة.
وذلك: أنه أقام شهودا شهدوا معه بذلك. وفيهم رجل من أصحابه معروف بالعلم والعبادة، يقال له: الرَّجال، فصدقوه لأجل ما عرفوا فيه من العلم والعبادة. ففيه يقول بعضهم ممن ثبت منهم:
يا سعاد الفؤاد بنت أثال ... طال ليلي بفتنة الرجال
فتن القوم بالشهادة والل ... هـ عزيز ذو قوة ومحال
وقوم من أهل اليمن، صدقوا الأسود العنسي في ادعائه النبوة.
وقوم صدقوا طُليحة الأسدي.
ولم يشك أحد من الصحابة في كفر من ذكرنا، ووجوب قتالهم، إلا مانع الزكاة ولما عزم أبو بكر رضي الله عنه على قتالهم قيل له: كيف نقاتلهم وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله. فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحقها» . قال أبو بكر: فإن الزكاة من حقها، والله لو منعوني عِقالًا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه (?) .
ثم زالت الشبهة عن الصحابة رضي الله عنهم، وعرفوا وجوب قتالهم،