بالعراق - فسموا الحرورية، فأرسل علي إليهم عبد الله بن عباس فأتاهم. قال: " فلم أر قوما أسمد اجتهادا منهم ولا أكثر عبادة " فقال ما تنقمون؟ قالوا: ثلاث.
إحداهن: أنه حكم الرجال في أمر الله وقد قال الله تعالى {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [الأنعام: 57] (?) .
والثانية: أنه قاتل ولم يسب ولم يغنم. فإن كانوا مؤمنين، فما حل لنا قتالهم، وإن كانوا كافرين فقد حلت لنا أموالهم وسبيهم.
والثالثة: أنه محا نفسه من أمير المؤمنين. فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين.
فقال لهم: أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله الحكم، وحدثتكم من سنة نبيكم ما لا تنكرون أترجعون؟ قالوا: نعم.
فقلت: أما قولكم: إنه حكم الرجال في دين الله، فإن الله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 95]- إلى قوله - {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 95] (?) وقال تعالى {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} [النساء: 35] (?) أنشدكم الله أفتحكيم الرجال في إصلاح ذات بينهم وحقن دمائهم وأموالهم أحق، أم في أرنب ثمنها ربع درهم أو بضع امرأة؟ فقالوا: اللهم بلى، في حقن دمائهم وإصلاح ذات بينهم. فقلت: أخرجت من هذه؟ فقالوا: اللهم نعم.