ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، لينذر من كان حيا، ويحق القول على الكافرين. فهدى الله بالحق من أجاب إليه وضرب بالحق من أدبر عنه حتى صاروا إلى الإسلام طوعا وكرها. ثم أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك أجله. وقد كان الله بين له ذلك لأهل الإسلام في الكتاب الذي أنزل عليه فقال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30] (?) وقال: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} [الأنبياء: 34] الآية (?) وقال للمؤمنين: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} [آل عمران: 144] الآية (?) فمن كان إنما يعبد محمدا، فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله وحده لا شريك له فإن الله له بالمرصاد حي قيوم لا يموت ولا تأخذه سنة ولا نوم حافظ لأمره منتقم من عدوه ومجزيه، وإني أوصيكم أيها الناس بتقوى الله. وأحضكم على حظكم ونصيبكم من الله وما جاء به نبيكم صلى الله عليه وسلم. وأن تهتدوا بهداه. وتعتصموا بدين الله. فإن كل من لم يحفظ الله ضائع وكل من لم يصدقه كاذب وكل من لم يسعده الله شقي وكل من لم يرزقه محروم وكل من لم ينصره الله مخذول. فاهتدوا بهدي الله ربكم. فإنه من يهد الله فهو المهتدي. ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا.
وإنه قد بلغني رجوع من رجع منكم عن دينه بعد أن أقر بالإسلام وعمل به اغترارا بالله، وجهالة بأمر الله، طاعة للشيطان. قال الله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر: 6]