فقال: إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ذلك العبد ما عند الله. فبكى أبو بكر، فتعجبنا لبكائه: أن يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خير! فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير. وكان أبو بكر أعلمنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أمن الناس علي في صحبته وماله: أبو بكر. ولو كنت متخذا خليلا - غير ربي - لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن أخوة الإسلام ومودته. لا يبقين في المسجد باب إلا سد، إلا باب أبي بكر» .
وفي الصحيح: «أن ابن عباس وأبا بكر مرا بمجلس للأنصار، وهم يبكون. فقالا: ما يبكيكم؟ قالوا: ذكرنا مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم منا. فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم. فأخبره بذلك. فخرج، وقد عصب على رأسه بحاشية برد. فصعد المنبر - ولم يصعده بعد ذلك اليوم - فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: أوصيكم بالأنصار خيرا. فإنهم كرشي وعيبتي. وقد قضوا الذي عليهم. وبقي الذي لهم. فاقبلوا من محسنهم. وتجاوزوا عن مسيئهم» .
وفي الصحيح عن أبي موسى الأشعري قال: «اشتد مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: مروا أبا بكر، فليصل بالناس، قالت عائشة: يا رسول الله، أنه رجل رقيق، إذا قام مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر؟ قال: مروا أبا بكر فليصل بالناس، فعادت. فقال: مروا أبا بكر فليصل بالناس، فإنكن صواحب يوسف. فأتاه الرسول. فصلى بالناس في حياة النبي صلى الله عليه وسلم. قالت: ووالله ما أقول إلا أني أحب أن يصرف ذلك عن أبي بكر، وعرفت أن الناس لا يحبون رجلا قام مقامه أبدا، وأن الناس سيتشاءمون به في كل حدث كان. فكنت أحب أن يصرف ذلك عن أبي بكر» .