منهم ولا يتزوج رجل ولا يتشاورون فيما نزل بهم، ولا يعقدون لواء حرب إلا في داره يعقده لهم بعض ولده.
فكان أمره في حياته - وبعد موته - عندهم كالدين المتبع، واتخذ لنفسه دار الندوة، فلما كبر قصي ورقّ عظمه - وكان عبد الدار بِكْره. وكان عبد مناف قد شرف في زمان أبيه، وعبد العزى وعبد الدار. فقال قصي لعبد الدار: لألْحقَنّك بالقوم وإن شرفوا عليك. لا يدخل أحد منهم الكعبة حتى تكون أنت تفتحها له. ولا يعقد لقريش لواء لحربها إلا أنت. ولا يشرب رجل بمكة إلا من سقايتك. ولا يأكل أحد من أهل الموسم طعامًا إلا من طعامك. ولا تقطع قريش أمرًا من أمورها إلا في دارك.
فأعطاه دار الندوة، والحجابة، واللواء، والسقاية والرفادة، وهي خَرْج تخرجه قريش في الموسم من أموالها إلى قصي، فيصنع به طعامًا للحاج، يأكله من لم يكن له سعة ولا زاد. لأن قصيا فرضه على قريش. فقال لهم: إنكم جيران الله وأهل بيته. وإن الحاج ضيف الله، وهم أحق الضيف بالكرامة. فاجعلوا لهم طعامًا وشرابًا أيام الحج حتى يصدروا عنكم. ففعلوا.
وكان قصي لا يخالف، ولا يرد عليه شيء صنعه.
فلما هلك أقام بنوه أمره لا نزاع بينهم. ثم إن بني عبد مناف أرادوا أخذ ما بيد عبد الدار، ورأوا أنهم أولى بذلك فتفرقت قريش: بعضهم معهم. وبعضهم مع عبد الدار. فكان صاحب أمر عبد مناف عبد شمس؛ لأنه أسنهم، وصاحب أمر بني