فصل
في غزوة تبوك قال ابن إسحاق: كانت في زمان عسرة من الناس، وجدب من البلاد، حين طابت الثمار، فالناس يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم. وكان صلى الله عليه وسلم قلما يخرج في غزوة إلا ورى بغيرها، إلا ما كان منها، فإنه جلاها للناس لبعد الشقة، وشدة الزمان.
فقال ذات يوم - وهو في جهازه - للجد بن قيس «هل لك في جلاد بني الأصفر؟ " فقال: يا رسول الله، أوتأذن لي ولا تفتني؛ فقد عرف قومي أنه ما من رجل أشد عجبا بالنساء مني، وإني أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر، ألا أصبر، فقال: " قد أذنت لك» ففيه نزلت: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي} [التوبة: 49] الآية (?) .
وقال قوم من المنافقين، بعضهم لبعض: لا تنفروا في الحر، فنزل: {وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا} [التوبة: 81] الآية (?) .
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حض أهل الغنى على النفقة. فحمل رجال من أهل الغنى واحتسبوا. وأنفق عثمان ثلاثمائة بعير بأحلاسها، وأقتابها وعدتها، وألف دينار عينا.
وجاء البكاءون - وهم سبعة - يستحملون رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: «لا