فأمر الجيش فأوقدوا النيران. فأوقد أكثر من عشرة آلاف نارا. فركب العباس بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وخرج يلتمس، لعله يجد بعض الحطابة، أو أحدا يخبر قريشا، ليخرجوا يستأمنون رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يدخلها عنوة.
قال: فوالله إني لأسير عليها، إذ سمعت كلام أبي سفيان، وبديل، يتراجعان، يقول أبو سفيان: ما رأيت كالليلة نيرانا قط ولا عسكرا.
قال: يقول بديل: هذه والله خزاعة، حمشتها الحرب.
قال: يقول أبو سفيان: خزاعة أقل وأذل من أن تكون هذه نيرانها.
فقلت: أبا حنظلة؟ فعرف صوتي، فقال: أبا الفضل؟ قلت: نعم. قال: ما لك، فداك أبي وأمي؟ قال: قلت: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس واصباح قريش والله، قال: فما الحيلة؟ .
قلت: والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك. فاركب في عجز هذه البغلة، حتى آتيه بك، فأستأمنه لك. فركب خلفي. ورجع صاحباه. فجئت به. فكلما مررت بنار من نيران المسلمين، قالوا: من هذا؟ فإذا رأونا قالوا: عم رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته. حتى مررت بنار عمر، فقال: من هذا؟ وقام إلي. فلما رأى أبا سفيان قال: عدو الله؟ الحمد لله الذي أمكن الله منك بغير عقد ولا عهد.
ثم خرج يشتد نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم. وركضت البغلة فسبقته، واقتحمت عنها. فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودخل عليه عمر. فقال: يا رسول الله هذا أبو سفيان، قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عهد، فدعني أضرب عنقه. فقلت: يا رسول الله، إني قد أجرته.