فعظم ذلك على المسلمين. فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - «اللَّه أكبر أبشروا، يا معشر المسلمين» .
واشتد البلاء ونجم النفاق. واستأذن بعض بني حارثة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - في الذهاب إلى المدينة. وقالوا {إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا} [الأحزاب: 13] (?) .
وأقام المشركون محاصرين رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - شهرا. ولم يكن بينهم قتال لأجل الخندق، إلا أن فوارس من قريش - منهم عمرو بن عبد ود - أقبلوا نحو الخندق. فلما وقفوا عليه قالوا: إن هذه مكيدة ما كانت العرب تعرفها. ثم تيمموا مكانا ضيقا منه وجالت بهم خيلهم في السبخة ودعوا إلى البراز. فانتدب لعمرو: علي بن أبي طالب، فبارزه. فقتله اللَّه على يدي علي. وكان من أبطال المشركين. وانهزم أصحابه.
ولما طالت هذه الحال على المسلمين أراد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - أن يصالح عيينة بن حصن والحارث بن عوف - رئيسي غطفان - على ثلث ثمار المدينة وينصرفا بقومهما. وجرت المفاوضة على ذلك. واستشار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - السعدين. فقالا: إن كان اللَّه أمرك: فسمعا وطاعة. وإن كان شيئا تحب أن تصنعه صنعناه. وإن كان شيئا تصنعه لنا، فلا. لقد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك وعبادة الأوثان وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة إلا قرى أو بيعا. أفحين أكرمنا اللَّه بالإسلام وأعزنا بك، نعطيهم أموالنا؟ واللَّه لا نعطيهم إلا السيف. فصوب رأيهما.
وقال «إنما هو شيء أصنعه لكم لما رأيت العرب قد