ديارهم كما قال تعالى {بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنفال: 47] (?) فجمعهم على غير ميعاد كما قال تعالى {وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ} [الأنفال: 42] (?) .
ولما بلغ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خروج قريش استشار أصحابه. فتكلم المهاجرون فأحسنوا ثم استشارهم ثانيا. فتكلم المهاجرون. ثم ثالثا. فعلمت الأنصار أن رسول اللَّه إنما يعنيهم، فقال سعد بن معاذ: كأنك تعرض بنا يا رسول اللَّه، وكان إنما يعنيهم لأنهم بايعوه على أن يمنعوه في ديارهم، وكأنك تخشى أن تكون الأنصار ترى عليهم ألا ينصروك إلا في ديارهم. وإني أقول عن الأنصار وأجيب عنهم. فامض بنا حيث شئت وصل حبل من شئت واقطع حبل من شئت وخذ من أموالنا ما شئت. وأعطنا ما شئت. وما أخذت منها كان أحب إلينا مما تركت. فواللَّه لئن سرت بنا حتى تبلغ البَرْك من غُمدان لنسيرن معك وواللَّه لئن استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك.
وقال المقداد بن الأسود: إذن لا نقول كما قال قوم موسى لموسى {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24] ولكن نقاتل من بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك.
فأشرق وجه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - بما سمع منهم. وقال: «سيروا وأبشروا. فإن اللَّه وعدني إحدى الطائفتين. وإني قد رأيت مصارع القوم» . وكره بعض الصحابة لقاء النفير وقالوا: لم نستعد لهم فهو