وأعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - جهازه ينتظر متى يؤمر بالخروج. وأعد أبو بكر جهازه.
تآمر قريش بدار الندوة على قتل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فلما رأى المشركون أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - قد تجهزوا وخرجوا بأهليهم إلى المدينة: عرفوا أن الدار دار منعة وأن القوم أهل حلقة وبأس فخافوا خروج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - فيشتد أمره عليهم. فاجتمعوا في دار الندوة. وحضرهم إبليس في صورة شيخ من أهل نجد.
فتذاكروا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - فأشار كل منهم برأي والشيخ يرده ولا يرضاه إلى أن قال أبو جهل: قد فرق لي فيه برأي ما أراكم وقعتم عليه، قالوا: ما هو؟ قال أرى أن نأخذ من كل قبيلة من قريش غلاما جلدا. ثم نعطيه سيفا صارما، ثم يضربونه ضربة رجل واحد فيتفرق دمه في القبائل. فلا تدري بنو عبد مناف بعد ذلك ما تصنع ولا يمكنها معاداة القبائل كلها، ونسوق ديته.
فقال الشيخ: للَّه در هذا الفتى. هذا واللَّه الرأي. فتفرقوا على ذلك.
فجاء جبريل فأخبر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم - بذلك. وأمره ألا ينام في مضجعه تلك الليلة.
«وجاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - إلى أبي بكر نصف النهار - في ساعة لم يكن يأتيه فيها - متقنعا، فقال: " أخرج من عندك " فقال: إنما هم أهلك يا رسول اللَّه. فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم -: " إن اللَّه قد أذن لي في الخروج " فقال أبو بكر: الصحبة يا رسول اللَّه. قال: " نعم " فقال أبو بكر: فخذ - بأبي أنت وأمي - إحدى راحلتي هاتين فقال: بالثمن» .