ومنذ ظهر إبراهيم عليه السلام لم يعدم التوحيد في ذريته. كما قال تعالى {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الزخرف: 28] (?) .
فإذا كان هو الإمام فنذكر شيئا من أحواله. لا يستغني مسلم عن معرفتها. فنقول:
في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لم يكذب إبراهيم النبي صلى الله عليه وسلم قط إلا ثلاث كذبات: ثنتين في ذات الله قوله: {إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: 89] وقوله: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء: 63] وواحدة في شأن سارة. فإنه قدم أرض جبَّار ومعه سارة. وكانت أحسن الناس. فقال لها: إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي: يغلبني عليك، فإن سألك. فأخبريه: أنكِ أختي. فإنكِ أختي في الإسلام. فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار فأتاه. فقال: لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك. فأرسل إليها، فأُتيَ بها. فقام إبراهيم إلى الصلاة. فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها. فَقُبِضَتْ يده قبضة شديدة. فقال لها: ادعي الله أن يطلق يدي، فلك الله: أن لا أضرك. ففعلت، فعاد: فَقُبِضَتْ يده أشد من القبضة الأولى. فقال لها مثل ذلك، فعاد فَقُبِضَتْ يده أشد من القبضتين الأولتين. فقال لها: ادعي الله أن يطلق يدي، ولك الله أن لا أضرك، ففعلت. فأطلقت يده. ودعا الذي جاء بها، فقال له: إنك إنما جئتني بشيطان ولم تأتني بإنسان، فأخرجها من أرضي، وأعطاها هاجر. فأقبلت. فلما رآها إبراهيم. انصرف، فقال لها: مَهْيَم؟ قالت: خيرًا. كف الله يد الفاجر، وأخدم خادمًا» .