إلى الإسلام. فنشأ الإسلام فيها، حتى لم تبق دار إلا ودخلها. فلما كان العام المقبل جاء منهم اثنا عشر رجلا - الستة الأول. خلا جابرا - ومعهم عبادة بن الصامت، وأبو الهيثم بن التيهان، وغيرهم. الجميع اثنا عشر رجلا.
وكان الستة الأولون قد قالوا له - لما أسلموا -: إن بين قومنا من العداوة والشر ما بينهم وعسى اللَّه أن يجمعهم بك، وسندعوهم إلى أمرك. فإن يجمعهم اللَّه عليك فلا رجل أعز منك وكان الأوس والخزرج أخوين لأم وأب. أصلهم من اليمن من سبأ. وأمهم قيلة بنت كاهل - امرأة من قضاعة - ويقال لهم لذلك أبناء قيلة. قال الشاعر.
بهاليل من أولاد قيلة لم يجد ... عليهم خليط في مخالطة عتبا
فوقعت بينهم العداوة بسبب قتيل فلبثت بينهم الحرب مائة وعشرين سنة إلى أن أطفأها اللَّه بالإسلام. وألف بينهم برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - وذلك قوله {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: 103]- الآية (?) .
فلما جاءه الاثنا عشر رجلا العام الآتي - الذين ذكرنا - ومنهم اثنان من الأوس: أبو الهيثم وعويم بن ساعدة والباقي من الخزرج.
فلما انصرفوا بعث معهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - مصعب بن عمير، وأمره أن يقرئهم القرآن ويعلمهم الإسلام. فنزل على أبي أمامة - أسعد بن زرارة - فخرج بمصعب - في إحدى خريجاته - فدخل به حائطا من حيطان بني ظفر. فجلسا فيه واجتمع إليهما رجال ممن أسلم.