قوله: "ولعلك أن تخلف" "أن" ههنا بالفتح لا غير.

وقيل: يحتمل أن يكون تخلفه هنا كناية عن طول عمره، وهو أظهر، لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بعدي".

ويحتمل التخلف بمكة للضرورة، وأن ذلك لا يقدح في هجرته وعمله.

وقد اختلف الناس في هذا.

فقيل: لا يحبط أجر المهاجر بقاؤه بمكة وموته بها، إذا كان لضرورة، وإنما يحبطهما إذا كانا بالاختيار.

وقال قوم: إن موت المهاجر بها كيف كان محبطٌ للهجرة.

وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن تخلَّف بعدي فتعمل عملًا صالحًا" رواه بعضهم بالفتح وبعضهم بالكسر، ورواه بعضهم "لن" باللام.

قال اليحصبي وغيره: وكلاهما صحيح المعنى على ما تقدم.

يريد قوله: "إنك إن تذر".

وقوله: "حتى ينتفع بك أقوام" هذا عَلَم من أعلام نبوته -صلى اللَّه عليه وسلم-، وذلك أن سعدًا أُمِّر على العراق، فأُتي بقوم ارتدوا عن الإسلام، فاستتابهم، فأبى بعضهم، فقتلهم، وتاب بعضهم، فانتفعوا به، وعاش سعد بعد حجة الوداع نيفًا وأربعين سنة.

قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللهم أمض لأصحابي هجرتهم" استدل به بعضهم على أن البقاء بمكة للمهاجر كيف كان قادح في هجرته.

وقال غيره: لا دليل فيه، بل يحتمل أنه دعا لهم دعاء مجردًا عامًا.

ومعنى "أمض" أي اتممها لهم ولا تبطلها، ولا تردهم على أعقابهم، بشرط هجرتهم ورجوعهم عن مستقيم حالهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015