وهذا فصل مفيد جدًا، وقد كان الدارقطني -رضي اللَّه عنه- من أيمة هذا الشأن: ونُقَّاده، والخصوص في معرفة العلل، فإنه مقدم فيها على أقرانه.
ويمكن أن يقال: إن مسلمًا قد أخرج (2093) حديث إبراهيم بن سعد، وزياد بن سعد، وزياد ابن سعد عن الزهري، وليس فيهما ذكر الزيادة.
وأخرج أيضًا (61/ 2094) حديث عبد اللَّه بن وهب عن يونس بن يزيد، وليس فيه ذكر الزيادة، وأتى بحديث الزيادة بعد ذلك ليبين اطِّلاعه على ألفاظ الحديث، واختلاف الرواة فيه، وجاء به في الطبقة الثانية.
وأما إسماعيل بن أبي أُويس فإن البخاري ومسلمًا قد حَدَّثا عنه في صحيحهما محتجين، وروى مسلم عن رجل عنه. وهذا في غاية التعظيم له، ولم يؤثر عندهما ما قيل فيه.
وطلحة بن يحيى فقد احتج به أيضًا مسلم.
فالحديث ثابت على شرطه على ما ذكرناه، والزيادة من الثقة مقبولة، وهما عنده ثقتان.
وأما إخراج مسلم الزيادة في حديث الخاتم، وتركه الزيادة في حديث العَشاء، ففيه ما يدل على تبحُّره في هذا الشأن وجودة قَريحته، فإن الزيادة في حديث الخاتم لها شواهد.
منها: حديث نافع عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صنع خاتما من ذهب، فتختم به في يمينه، ثم جلس على المنبر -الحديث".
أخرجه الترمذي (1741)، وقال: حسن صحيح، وقد روى هذا الحديث عن نافع عن ابن عمر بنحو هذا الوجه، ولم يذكر فيه أنه تختم في يمينه.
ومنها: حديث حماد بن سلمة، قال: "رأيت ابن أبي رافع يتختم في يمينه، فسألته عن ذلك؟ فقال: رأيت عبد اللَّه بن جعفر يتختم في يمينه، قال عبد اللَّه بن جعفر: "كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يتختم في يمينه" أخرجه الترمذي (1744).