وقد رُوي من غير وجه: عن عائشة -رضي اللَّه عنها-، أنها قالت: "كنت أغتسل أنا ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من إناء واحد"، ولم يذكروا فيه هذا الحرف: "وكان له شَعر فوق الجمَّة" وإنما ذكره عبد الرحمن بن أبي الزناد، وهو ثقة حافظ. هذا آخر كلامه.
وعبد الرحمن بن أبي الزناد -عبد اللَّه بن ذكوان- مدني ثقة، سكن بغداد، وحدث بها إلى حين وفاته، وكنيته: أبو محمد، وثقه الإمام مالك بن أنس، واستشهد به البخاري، وتكلم فيه غير واحد.
قيل: الجمع بين هذه الألفاظ في شعر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أن ما يلي منها الأذن: هي التي تبلغ شحمة أذنيه، وهي التي بين أذنيه وعاتقه، وما خلفهُ منها: هو الذي يضرب منكبيه.
وقيل: بل ذلك لاختلاف الأوقات، فإذا ترك تقصيرها بلغت المنكب، وإذا قصر: كان إلى أنصاف الأذنين، وبحساب ذلك يطول ويقصر.
والعاتق: ما بين المَنكِب والعنق.
وشحمة الأذن: ما لانَ من أسفلها، وهو مُعلّق القُرط.
وفي حديث عائشة: "كان شعر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فوق الوَفْرة ودون الجمة" وهي توضح معنى اختلاف الألفاظ.
وفي حديث عائشة ما يدل على أن الجمة أطولُ من الوفرة، وهو الذي قاله العلماء.
والوفرة: إلى شحمة الأذن.
واللَّمَّة: هي التي ألمت بالمنكبين.
والجُمَّة: ما سقط على المنكبين.
وقال بعضهم: الوَفْرة، ثمَّ الجمة، ثمَّ اللمة.