فصل ثبت عنه أنه سن الأذان بترجيع وغير ترجيع، وشرع الإقامة مثنى وفرادى، ولكن كلمة الإقامة: " قد قامت الصلاة " لم يصح عنه إفرادها لبتة، وكذلك الذي صَحَّ عَنْهُ تَكْرَارُ لَفْظِ التَّكْبِيرِ فِي أَوَّلِ الأذان، ولم يصح عنه الاقتصار على مرتين، وشرع لأمته عند الأذان خمسة أنواع، أحدها: أن يقولوا مثل ما قال المؤذن إلا في الحيعلتين، فأبدلها بِـ " لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ "، ولم يجئ عنه الجمع بينهما، ولا الاقتصار على الحيعلة، وهذا مقتضى الحكمة، فإن كلمات الأذان ذكر، وكلمة الحيعلة دعاء إلى الصلاة، فَسُنَّ لِلسَّامِعِ أَنْ يَسْتَعِينَ عَلَى هَذِهِ الدَّعْوَةِ بكلمة الإعانة. الثاني: أن يقول: «رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا» ، وَأَخْبَرَ أَنَّ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: «غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ» (?) . الثَّالِثُ: أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ إِجَابَةِ المؤذن، وأكملها ما علمه أمته، وَإِنْ تَحَذْلَقَ الْمُتَحَذْلِقُونَ. الرَّابِعُ: أَنْ يَقُولَ بَعْدَ الصلاة عَلَيْهِ: «اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا محمودا» (?) . الخامس: أن يدعو لنفسه بعد ذلك، وفي " السنن " عنه: «الدُّعَاءُ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ (?) قَالُوا: فَمَا نَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: سَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» . حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وكان يُكْثِرُ الدُّعَاءَ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَأْمُرُ فِيهِ بِالْإِكْثَارِ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ، وَيُذْكَرُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَيَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إلله الا الله، الله أكبر الله أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَهَذَا وَإِنْ كَانَ لَا يَصِحُّ إِسْنَادُهُ، فَالْعَمَلُ عَلَيْهِ، وَلَفْظُهُ هَكَذَا، يَشْفَعُ التَّكْبِيرَ، وَأَمَّا كَوْنُهُ ثَلَاثًا، فَإِنَّمَا رُوِيَ عَنْ جابر وابن عباس من فعلهما فقط، وكلاهما حسن. قال الشافعي: وإن زاد