مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مِنْبَرُ اللَّبِنِ وَالطِّينِ، فَأَوَّلُ مَنْ بَنَاهُ كثير بن الصلت في إمارة مروان على المدينة.
ورخص النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ شَهِدَ الْعِيدَ أَنْ يَجْلِسَ لِلْخُطْبَةِ، وَأَنْ يَذْهَبَ، وَرَخَّصَ لَهُمْ إِذَا وَقَعَ الْعِيدُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْ يَجْتَزِئُوا بصلاة العيد عن الجمعة، وكان يخالف الطريق يوم العيد.
«وروي أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ»
فصل ولما كسفت الشمس، خرج إِلَى الْمَسْجِدِ مُسْرِعًا فَزِعًا يَجُرُّ رِدَاءَهُ، وَكَانَ كُسُوفُهَا فِي أَوَّلِ النَّهَارِ عَلَى مِقْدَارِ رُمْحَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ مِنْ طُلُوعِهَا، فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، قرأ في الأولى بالفاتحة وسورة طويلة، وجهر بِالْقِرَاءَةِ، ثُمَّ رَكَعَ، فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ رَفَعَ، فَأَطَالَ الْقِيَامَ وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، وَقَالَ لما رفع رأسه من الركوع: «سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الْحَمْدُ» ثُمَّ أَخَذَ فِي الْقِرَاءَةِ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ سجد، فأطال السجود، ثم فعل في الأخرى مثل ما فعل في الأولى، فاستكمل في الركعتين أربع ركوعات، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ.
وَرَأَى فِي صَلَاتِهِ تِلْكَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَهَمَّ أَنْ يَأْخُذَ عُنْقُودًا مِنَ الْجَنَّةِ، فَيُرِيَهُمْ إِيَّاهُ، وَرَأَى أَهْلَ الْعَذَابِ فِي النَّارِ، فَرَأَى امْرَأَةً تَخْدِشُهَا هِرَّةٌ رَبَطَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا وَعَطَشًا، وَرَأَى عمرو بن مالك (?) يَجُرُّ أَمْعَاءَهُ فِي النَّارِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ غَيَّرَ دِينَ إِبْرَاهِيمَ، وَرَأَى فِيهَا سَارِقَ الْحَاجِّ يُعَذَّبُ، ثم انصرف فخطب خطبة بليغة، فروى الإمام أحمد أنه لَمَّا سَلَّمَ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَشَهِدَ أن لا إله إلا الله، وشهد أنه عبده ورسوله ثم: «أيها الناس أنشدكم بالله إن كنتم تعلمون أني قصرت عن شَيْءٍ مِنْ تَبْلِيغِ رِسَالَاتِ رَبِّي لَمَّا أَخْبَرْتُمُونِي ذلك؟ فقام رجال، فقالوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ رِسَالَاتِ رَبِّكَ، وَنَصَحْتَ لِأُمَّتِكَ، وَقَضَيْتَ الَّذِي عَلَيْكَ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ رِجَالًا يَزْعُمُونَ أَنَّ كُسُوفَ هَذِهِ الشمس،