مَرْفُوعًا: «الْعَيْنُ حَقٌّ وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ لَسَبَقَتْهُ الْعَيْنُ» وَفِي " صَحِيحِهِ " أَيْضًا عَنْ أنس أن «رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في الرقية من العين والحمة والنملة» .
وروى مالك عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي أُمامة بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ: «رَأَى عَامِرُ بْنُ ربيعة سهلا يَغْتَسِلُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جلد مخبّأة، فلُبِط سهل، فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عامرا، فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ أَلَا بَرَّكْتَ؟ اغْتَسِلْ لَهُ فغسل عامر وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ، وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ، ثُمَّ صَبَّ عَلَيْهِ فراح سهل مع الناس» .
وَذَكَرَ عبد الرزاق، عَنْ معمر، عَنِ ابن طاوس، عن أبيه مرفوعا. «العين حق، وَإِذَا اسْتُغْسِلَ أَحَدُكُمْ، فَلْيَغْتَسِلْ» وَوَصْلُهُ صَحِيحٌ.
قَالَ الترمذي: يُؤْمَرُ الرَّجُلُ الْعَائِنُ بِقَدَحٍ، فَيُدْخِلُ كَفَّهُ فِيهِ، فَيَتَمَضْمَضُ، ثُمَّ يَمُجُّهُ فِي الْقَدَحِ، وَيَغْسِلُ وَجْهَهُ في القدح، ثم يغسل يَدَهُ الْيُسْرَى، فَيَصُبُّ عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى فِي الْقَدَحِ، ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُمْنَى، فَيَصُبُّ عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى، ثُمَّ يَغْسِلُ دَاخِلَةَ إِزَارِهِ، وَلَا يُوضَعُ الْقَدَحُ فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ يُصَبُّ عَلَى رأس المصاب مِنْ خَلْفِهِ صَبَّةً وَاحِدَةً.
وَالْعَيْنُ عَيْنَانِ: عَيْنٌ إِنْسِيَّةٌ، وَعَيْنٌ جِنِّيَّةٌ، فَقَدْ صَحَّ عَنْ أم سلمة «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى فِي بَيْتِهَا جَارِيَةً فِي وَجْهِهَا سَفْعَةٌ، فَقَالَ: اسْتَرْقُوا لَهَا، فإن بها النظرة» قال البغوي: سفعة، أي: نظرة مِنَ الْجِنِّ يَقُولُ: بِهَا عَيْنٌ أَصَابَتْهَا مِنْ نظر الجن، أنفذ من أسنّةِ الرماح.
وكان صلى الله عليه وسلم يَتَعَوَّذُ مِنَ الْجَانِّ، وَمِنْ عَيْنِ الْإِنْسَانِ، فَأَبْطَلَتْ طَائِفَةٌ مِمَّنْ قَلَّ نَصِيبُهُمْ مِنَ السَّمْعِ وَالْعَقْلِ أمر العين، وعقلاء الأمم على اختلاف مللهم، لَا تَدْفَعُ أَمْرَ الْعَيْنِ وَلَا تُنْكِرُهُ، وَإِنِ اختلفوا في سببه وجهة تأثير العين.
وَلَا رَيْبَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ خَلَقَ فِي الْأَجْسَامِ وَالْأَرْوَاحِ قُوًى وَطَبَائِعَ مُخْتَلِفَةً، وَجَعَلَ فِي كَثِيرٍ مِنْهَا خَوَاصَّ وَكَيْفِيَّاتٍ مُؤَثِّرَةً، وَلَا يُمْكِنُ لِعَاقِلٍ إِنْكَارُ تَأْثِيرِ الْأَرْوَاحِ فِي الْأَجْسَامِ، فَإِنَّهُ أمر مشاهد محسوس.
وليست العين هِيَ الْفَاعِلَةَ، وَإِنَّمَا التَّأْثِيرُ لِلرُّوحِ، وَالْأَرْوَاحُ مُخْتَلِفَةٌ في طبائعها وقواها وكيفياتها وخواصها ولشدة ارتباطها بالعين نسب الفعل إليها، وروح الْحَاسِدِ مُؤْذِيَةٌ لِلْمَحْسُودِ أَذًى بيِّنًا، وَلِهَذَا أَمَرَ الله رَسُولَهُ أَنْ يَسْتَعِيذَ بِهِ مِنْ شَرِّهِ، وَتَأْثِيرُ الْحَاسِدِ فِي أَذَى الْمَحْسُودِ أَمْرٌ