خيبر وحلفائهم من أسد وغطفان، والصحيح تناولها لِلْجَمِيعِ، وَقَوْلُهُ: {وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} [الفتح: 20] (?) قِيلَ: كف الأيدي، وقيل: فتح خيبر، ثم جمع لهم مع ذلك كله الهداية.

ثم وعدهم مغانم كثيرة وفتوحا أخر لم يقدروا ذلك الوقت عليها، قيل: مكة، وقيل: فارس والروم، وقيل: ما بعد خيبر من المشرق والمغرب.

ثم أخبر أنه لو قاتلهم الذين كفروا لولوا الأدبار، وأنها سنته، فإن قيل: فيوم أُحد، قيل: هو وعد معلق بشرط، وهو الصبر والتقوى، ففات يوم أُحد بالفشل المنافي للصبر، والمعصية المنافية للتقوى، ثم ذكر كف الأيدي لأجل الرجال والنساء المذكورين، فدفع العذاب عنهم بهؤلاء، كما دفعه برسوله لما كان بين أظهرهم.

ثم أخبر عما جعله الكفار في قلوبهم من الحميّة التي مصدرها الجهل والظلم، وأخبر بإنزاله في قلوب أوليائه من السكينة ما يقابل الحميّة، وإلزامهم كلمة التقوى، وهي جنس تعم كل كلمة يتقى بها وجه الله وأعلاه كلمة الإخلاص. ثم أخبر أنه أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ، فقد تكفل لِهَذَا الْأَمْرِ بِالتَّمَامِ وَالْإِظْهَارِ عَلَى جَمِيعِ أَدْيَانِ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَفِي هَذَا تَقْوِيَةٌ لِقُلُوبِهِمْ وَبِشَارَةٌ لَهُمْ وَتَثْبِيتٌ، وَأَنْ يَكُونُوا عَلَى ثِقَةٍ مِنْ هَذَا الْوَعْدِ الَّذِي لَا بُدَّ أَنْ يُنْجِزَهُ، فَلَا تَظُنُّوا أَنَّ مَا وَقَعَ مِنَ الْإِغْمَاضِ وَالْقَهْرِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ نُصْرَةً لِعَدُوِّهِ، وَلَا تَخَلِّيًا عَنْ رَسُولِهِ وَدِينِهِ، كَيْفَ وَقَدْ أَرْسَلَهُ بِدِينِهِ الْحَقِّ، وَوَعَدَهُ أَنْ يُظْهِرَهُ عَلَى كُلِّ دِينٍ سواه.

[فصل في غزوة خيبر]

فَصْلٌ

فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ قَالَ موسى بن عقبة: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ، مَكَثَ بِهَا عِشْرِينَ ليلة أو قريبا منها، ثم خرج إلى خيبر، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ سباع بن عرفطة، وَقَدِمَ أَبُو هُرَيْرَةَ حِينَئِذٍ الْمَدِينَةَ فَوَافَى سباع بن عرفطة فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ، فَسَمِعَهُ يَقْرَأُ فِي الأولى (كهيعص) ، وفي الثانية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015