قوي المؤمنين على ضعيفهم» ، وكان له سَهْمٌ مِنَ الْغَنِيمَةِ يُدْعَى الصَّفِيَّ إِنْ شَاءَ عبدًا، وإن شاء فرسا يختاره قبل القسم.
قالت عائشة: كانت صفية منه، أي: من الصفي رواه أبو داود، وَكَانَ سَيْفُهُ ذُو الْفَقَارِ مِنَ الصَّفِيِّ، وَكَانَ يُسْهِمُ لِمَنْ غَابَ عَنِ الْوَقْعَةِ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ، كما أسهم لعثمان من بدر لتمريض ابنته، فَقَالَ: «إِنَّ عثمان انْطَلَقَ فِي حَاجَةِ اللَّهِ وحاجة رسوله، فضرب له بسهمه وَأَجْرَهُ» .
وَكَانُوا يَشْتَرُونَ مَعَهُ فِي الْغَزْوِ وَيَبِيعُونَ وهو يراهم ولا ينهاهم، وكانوا يستأجرون الأجراء للغزو، وذلك عَلَى نَوْعَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَخْرُجَ الرَّجُلُ، وَيَسْتَأْجِرَ من يخدمه. في سفره. الثاني: أن يستأجر من يخرج للجهاد، ويسَمُّون ذلك الجعائل، وفيها قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِلْغَازِي أَجْرُهُ، وَلِلْجَاعِلِ أَجْرُهُ، وَأَجْرُ الْغَازِي» ، وَكَانُوا يَتَشَارَكُونَ فِي الْغَنِيمَةِ، وهو عَلَى نَوْعَيْنِ أَيْضًا:
أَحَدُهُمَا: شَرِكَةُ الْأَبْدَانِ. وَالثَّانِي: أَنْ يَدْفَعَ الرَّجُلُ بَعِيرَهُ إِلَى الرَّجُلِ أَوْ فَرَسَهُ يَغْزُو عَلَيْهِ عَلَى النِّصْفِ مِمَّا يَغْنَمُ حَتَّى رُبَّمَا اقْتَسَمَا السَّهْمَ فَأَصَابَ أَحَدُهُمَا قِدْحَهُ، والآخر نصله وريشه.
قال ابْنُ مَسْعُودٍ: اشْتَرَكْتُ أَنَا وعمار وسعد فِيمَا نُصِيبُ يَوْمَ بَدْرٍ، فَجَاءَ سعد بِأَسِيرَيْنِ وَلَمْ أجئ أنا وعمار بشيء.
وكان يبعث السرية فرسانا تارة، ورجالة أخرى، ولا يُسْهِمُ لِمَنْ قَدِمَ مِنَ الْمَدَدِ بَعْدَ الْفَتْحِ، وكان يعطي سهم ذوي الْقُرْبَى فِي بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ دُونَ إخوتهم من عبد شمس ونوفل، وَقَالَ: «إِنَّمَا بَنُو الْمُطَّلِبِ، وَبَنُو هَاشِمٍ شَيْءٌ وَاحِدٌ» ، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، وَقَالَ: «إِنَّهُمْ لَمْ يفارقونا في جاهلية ولا إسلام» ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُصِيبُونَ مَعَهُ فِي مَغَازِيهِمُ الْعَسَلَ وَالْعِنَبَ وَالطَّعَامَ، فَيَأْكُلُونَهُ وَلَا يَرْفَعُونَهُ فِي الْمَغَانِمِ.
وقيل لابن أبي أوفى: هل كنتم تخمسون الطعام؟ فقال: أصبنا طعاما يوم خيبر، فكان الرَّجُلُ يَجِيءُ فَيَأْخُذُ مِنْهُ مِقْدَارَ مَا يَكْفِيهِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، وَقَالَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ: كُنَّا نَأْكُلُ الْجَوْزَ فِي الْغَزْوِ، وَلَا نَقْسِمُهُ، حَتَّى إِنْ كُنَّا لَنَرْجِعُ إِلَى رِحَالِنَا، وَأَجْرِبَتُنَا مِنْهُ مَمْلُوءَةٌ وكان ينهى عن النهبى وَالْمُثْلَةِ، وَقَالَ: «مَنِ انْتَهَبَ نُهْبَةً فَلَيْسَ مِنَّا» . وَكَانَ يَنْهَى أَنْ يَرْكَبَ الرَّجُلُ دَابَّةً مِنَ الفيء، فإذا أعجفها ردها فيه، وأن يلبس ثَوْبًا مِنَ الْفَيْءِ، حَتَّى إِذَا أَخْلَقَهُ رَدَّهُ فِيهِ، وَلَمْ يَمْنَعْ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِهِ حَالَ الحرب، وكان يشدد في الغلول جدا ويقول: «عارٌ ونارٌ وشنارٌ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ، ولما أصيب غلامه مِدعَم، قال بعض الصحابة: