الْأَئِمَّة الْفُقَهَاء من الحَدِيث صَحِيحَة غزيرة؛ لِأَن الْفِقْه الإسلامي يعْتَمد على الْكتاب وَالسّنة، وَمَا فهمه صحابة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رضوَان الله عَلَيْهِم؛ لأَنهم أعلم بالتنزيل، ثمَّ مَا قَرَّرَهُ عُلَمَاء الْأمة من التَّابِعين وَمن تَبِعَهُمْ من سلف صَالح الْمُؤمنِينَ، يحملهُ من كل خلف عدوله، ينفون عَنهُ تَحْرِيف الْجَاهِلين وَتَأْويل المبطلين وتنطع الهالكين، وَهَذَا الْكتاب يمثل أنموذجاً صَادِقا لهَذِهِ الْحَقِيقَة.
4 - أَن الْحَافِظ الْبَيْهَقِيّ - رَحمَه الله - إِمَام بارز فِي الحَدِيث وَالْفِقْه، شَافِعِيّ الْمَذْهَب، بل من أَئِمَّة الْمَذْهَب، وَله اختيارات يخْتَلف فِيهَا مَعَ إِمَام الْمَذْهَب الشَّافِعِي - رَحمَه الله تَعَالَى - ويستقل فِيهَا بِرَأْيهِ الَّذِي أَدَّاهُ إِلَيْهِ اجْتِهَاده.
5 - يَتَّصِف الْبَيْهَقِيّ بالمنهجية العلمية، فَهُوَ يذكر أَدِلَّة خَصمه وَيرد عَلَيْهَا، وَرُبمَا تَركهَا فِي بعض المواطن، وَلَعَلَّ عذره أَنَّهَا تعليلات عقلية، مثل مَسْأَلَة 244، ص 273 ج 4، وَإِن كَانَ - رَحمَه الله - من المتساهلين فِي الرِّجَال، كَمَا قَالَ عَنهُ الذَّهَبِيّ، فَهُوَ يحْتَج بِحَدِيث رَوَاهُ ضَعِيف مثل ابْن لَهِيعَة أَو الْحجَّاج بن أَرْطَأَة، وَيَردهُ إِن ورد عِنْد الْمُخَالف، مثل مَسْأَلَة 244 ص 373 ج 4، وَمَسْأَلَة 247 ص 284 ج 4، وَمَسْأَلَة 255 ص 300 ج 4، وَمَسْأَلَة 277 ص 374 ج 4، وَمَسْأَلَة 269 ص 346 ج 4.
6 - أَن سَنَد الْبَيْهَقِيّ يَتَّصِف بالعلو، فَهُوَ يروي الحَدِيث وَهُوَ إِمَام يروي عَن أَئِمَّة تقدّمت وفاتهم وَتقدم سَمَاعه عَنْهُم بِإِسْنَاد مُتَّصِل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَو الصَّحَابِيّ؛ رَضِي الله عَنهُ.
7 - أَن هَذَا الْكتاب ذُو قيمَة علمية كَبِيرَة، حَيْثُ إِنَّه يخْتَص بالمسائل الخلافية بَين الْإِمَامَيْنِ، فَهُوَ يخْتَلف عَن الْمسَائِل الْمُخْتَلف