وَأفْتى عَليّ، وَزيد، وَابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُم - بِأَن المفوضة إِذا مَاتَ عَنْهَا زَوجهَا فَلَا مهر لَهَا، وَلم يبلغهم حَدِيث بروع بنت واشق.

فيها ثم لو فرض فليس كل ما في الكتب يعلمه عالم بل الذين كانوا قبل جمع هذه الدواوين أعلم بالسنة من المتأخرين لأن كثيرا مما بلغهم وصح عندهم قد لا يبلغنا إلا عن مجهول أو بإسناد منقطع أو لا يبلغنا بالكلية فكانت دواوينهم في صدورهم التي

وَلَيْسَ تدوين كتب السّنة دَلِيلا على انحصار حَدِيث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيهَا، ثمَّ لَو فرض فَلَيْسَ كل مَا فِي الْكتب يُعلمهُ عَالم، بل الَّذين كَانُوا قبل جمع هَذِه الدَّوَاوِين أعلم بِالسنةِ من الْمُتَأَخِّرين؛ لِأَن كثيرا مِمَّا بَلغهُمْ وَصَحَّ عِنْدهم قد لَا يبلغنَا إِلَّا عَن مَجْهُول، أَو بِإِسْنَاد مُنْقَطع، أَو لَا يبلغنَا بِالْكُلِّيَّةِ، فَكَانَت دواوينهم فِي صُدُورهمْ الَّتِي تحوي أَضْعَاف مَا فِي الدَّوَاوِين ... " اه.

وَقد بلغ من شدَّة اعتناء الْعلمَاء بِالْخِلَافِ أَن بَعضهم ذكر أَن خلاف الصَّحَابَة لَا ينسخه إِجْمَاع يحصل بعده.

وصنفت المصنفات الْكَثِيرَة فِي علم الْخلاف، فَمِنْهَا رِسَالَة " رفع الملام عَن الْأَئِمَّة الْأَعْلَام " لِابْنِ تَيْمِية، رَحمَه الله، وَكتاب صِحَة أصُول مَذْهَب أهل الْمَدِينَة لِابْنِ تَيْمِية، قَالَ عَنْهَا: " وَالْمَقْصُود هُنَا أَن عمل أهل الْمَدِينَة الَّذِي يجْرِي النَّقْل حجَّة بِاتِّفَاق الْمُسلمين، كَمَا قَالَ مَالك لأبي يُوسُف - لما سَأَلَهُ عَن الصَّاع وَالْمدّ وَأمر أهل الْمَدِينَة بإحضار صيعانهم وَذكروا لَهُ أَن إسنادها عَن أسلافهم -: " أَتَرَى هَؤُلَاءِ - يَا أَبَا يُوسُف - يكذبُون؟ " قَالَ: " لَا وَالله، مَا يكذبُون "، قَالَ: " فَأَنا حررت هَذِه الصيعان فَوَجَدتهَا خَمْسَة أَرْطَال وَثلثا بأرطالكم، يَا أهل الْعرَاق " فَقَالَ: " رجعت إِلَى قَوْلك، يَا أَبَا عبد الله، وَلَو رأى صاحبى مَا رَأَيْت لرجع كَمَا رجعت ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015