منه، "وثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يمت حتى أتي ببيان جميع ما يحتاج إليه في أمر الدين والدنيا، وهذا لا مخالف عليه من أهل السنة" (?).
يدل على ذلك حديث أبي ذر -رضي الله عنه- قال: تركنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وما طائر يقلب جناحيه في الهواء، إلا وهو يذكرنا منه علماً، قال: فقال -صلى الله عليه وسلم-: "مابقي شيء يقرّب من الجنة، ويباعد من النار، إلا وقد بين لكم" (?).
ومن هنا نعلم أن هذا الدين قد نظم حياة الأمة في جميع العصور، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فهو دين شامل لجميع نواحي الحياة، في السياسة، والاقتصاد، والتعليم ... ، وغير ذلك من مستلزمات الحياة، لا يمكن أن يقال: إن هناك ما لا دخل للدين فيه، ولا يسوغ بحال تجزئة الدين بأخذ بعضه، ونبذ بعضه الآخر:
{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} (?).
لكن كيف للأمة بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معرفة ما أُمرت به من أوامر، وما نهيت عنه من نواهي؟.
لا شك بأن كتاب الله جل وعلا فيه الهدى والنور، بيد أنه أجمل أموراً لابدّ من تفصيلها وتوضيحها، وسكت عن أشياء لابد من بيانها والحديث عنها، لا عن قصور في هذا الكتاب، لكن لتتمّ البلوى والامتحان، ويتمحّص الناس، ويظهر مدلول قوله تعالى: