وأجلِّها، وقد أورد فيه جميع من وقف عليه ممن تكلِّم فيه، بما فيهم الأئمة وخلق من الثقات، لا للقدح فيهم، وإنما للدفاع عنهم، ولذا فقد حوى كتابه هذا الوضاعين والمتروكين والضعفاء وخلقاً من الأئمة وثقات المحدثين.

توفي الذهبي رحمه الله تعالى ليلة الاثنين ثالث ذي القعدة سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، بالمدرسة المنسوبة لأم الصالح، في قاعة سكنه، بعد العشاء قبل نصف الليل، ودفن من الغد بمقبرة الباب الصغير من دمشق.

وكان رحمه الله قد أضرَّ قبل موته، في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة بماء نزل في عينيه، فكان يتأذى ويغضب إذا قيل له: لو قَدَحْتَ هذا لرجع إليك بصرك، ويقول: ليس هذا بماء، وأنا أعرف بنفسي؛ لأنني ما زال بصري ينقص قليلاً قليلاً، إلى أن تكامل عدمه.

وكان في غاية من الحرص على طاعة الله، حتى وهو في لحظات النزع، فقد عاده تقي الدين السبكي قبل المغرب وهو في السياق، وقال له: كيف تجدك؟ قال: في السياق، ثم سأله. أدخل وقت المغرب؟ فقال له: ألم تصلّ العصر؟ قال: بلى، ولكن لم أصلّ المغرب إلى الآن، ثم سأل السبكي عن الجمع بين المغرب والعشاء تقديماً، فأفتاه بذلك، ففعله (?).

وكان -رحمه الله- يقول شعراً جيداً، فمن ذلك قوله:

إذا قرأ الحديث عليّ شخص ... وأخلى موضعاً لوفاة مثلي

فما جازى بإحسان؛ لأني ... أريد حياته ويريد قتلي

وقال أيضاً:

العلم قال الله قال رسوله ... إن صحّ والإِجماع فاجهد فيه

وحذار من نصب الخلاف جهالة ... بين الرسول وبين رأي فقيه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015