شاباً، فيقع ذلك مني موقعاً عظيماً، وأما المزي، فكان رجلاً عبوساً مهيباً" (?).
أقول: ولم يرع السبكي لشيخه حرمة هذه المودّة، بل أكثر من الوقيعة فيه بعبارات كان ينبغي له الورع من إطلاقها على شيخه.
ولست هنا في مقام عرض أقواله، والرد عليها، فالأمر يطول، وقد كفيت مؤنة ذلك، وسأذكر بعضاً من كلامه، وأحيل على المواضع الأخرى، وأذكر بعضاً من كلام العلماء في الرد عليه، وأحيل على الباقي.
يقول السبكي في ترجمة شيخه: "وكان شيخنا -والحق أحق ما قيل، والصدق أولى ما آثره ذو السبيل- شديد الميل إلى آراء الحنابلة، كثير الإِزراء بأهل السنة، الذين إذا حضروا كان أبو الحسن الأشعري فيهم مقدّم القافلة، فلذلك لا ينصفهم في التراجم، ولا يصفهم بخير، إلا وقد رغم منه أنف الراغم، صنّف التاريخ الكبير، وما أحسنه لولا تعصّب فيه، وأكمله لولا نقص فيه، وأي نقص يعتريه" (?).
ويقول أيضاً: "فعند ذلك تقضي العجب من هذا الذهبي! وتعلم إلى ماذا يشير المسكين، فَوَيْحه، ثم ويحه" (?)، بل وصل الحال بالسبكي إلى أن قال مرة: "وإذا وصل إلى هذا الحد والعياذ بالله، فهو مطبوع على قلبه" (?)، إلى عبارات له أخر في شتات من كتبه (?).