لِلْقِرَاءَةِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَثْبَتُ قِيَامًا أَيْ أَوَطَأُ لِلْقِيَامِ وَأَسْهَلُ لِلْمُصَلِّي مِنْ سَاعَاتِ النَّهَارِ، لِأَنَّ النَّهَارَ خلق لتصرف العبادة، وَاللَّيْلَ لِلْخَلْوَةِ فَالْعِبَادَةُ فِيهِ أَسْهَلُ. وَقِيلَ: أَشَدُّ نَشَاطًا. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: أَفْرَغُ لَهُ قَلْبًا مِنَ النهار لأنه لا تعرض فيه حوائج. وقال الحسن: أشد وطأ في الخير وَأَمْنَعُ مِنَ الشَّيْطَانِ. {وَأَقْوَمُ قِيلًا} [المزمل: 6] وَأَصْوَبُ قِرَاءَةً وَأَصَحُّ قَوْلًا لِهَدْأَةِ النَّاسِ وَسُكُونِ الْأَصْوَاتِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: أَبْيَنُ قَوْلًا بِالْقُرْآنِ، وَفِي الْجُمْلَةِ عِبَادَةُ اللَّيْلِ أَشَدُّ نَشَاطًا وَأَتَمُّ إِخْلَاصًا وَأَكْثَرُ بَرَكَةً وَأَبْلَغُ فِي الثواب.

[7] {إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا} [المزمل: 7] أَيْ تَصَرُّفًا وَتَقَلُّبًا وَإِقْبَالًا وَإِدْبَارًا فِي حَوَائِجِكَ وَأَشْغَالِكَ، وَأَصْلُ السَّبْحِ سُرْعَةُ الذَّهَابِ، وَمِنْهُ السِّبَاحَةُ فِي الْمَاءِ. وَقِيلَ: سَبْحًا طَوِيلًا أَيْ فَرَاغًا وَسِعَةً لِنَوْمِكَ وَتَصَرُّفِكَ فِي حَوَائِجِكَ فَصَلِّ مِنَ اللَّيْلِ، وَقَرَأَ يَحْيَى بْنُ يَعْمُرُ (سَبْخًا) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ اسْتِرَاحَةً وَتَخْفِيفًا لِلْبَدَنِ.

[8] {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ} [المزمل: 8] بِالتَّوْحِيدِ وَالتَّعْظِيمِ، {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [المزمل: 8] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: أَخْلِصْ إليه إخلاصا. قال الْحَسَنُ: اجْتَهِدْ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: تفرغ لعبادته. وقال سُفْيَانُ: تَوَكَّلْ عَلَيْهِ تَوَكُّلًا. وَقِيلَ. انْقَطِعْ إِلَيْهِ فِي الْعِبَادَةِ انْقِطَاعًا، وَهُوَ الْأَصْلُ فِي الْبَابِ، يُقَالُ: تبتلت الشيء أي قطعته، والتبتيل: تَفْعِيلٌ، مِنْهُ يُقَالُ: بَتَّلْتُهُ فَتَبَتَّلَ، المعنى: بتل إليه نفسك، ولذلك قال: تبتيلا. قال ابن زيد: التَّبَتُّلُ رَفْضُ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَالْتِمَاسُ مَا عِنْدَ اللَّهِ - تَعَالَى -.

[9] {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} [المزمل: 9] أَهْلُ الْحِجَازِ وَأَبُو عَمْرٍو وَحَفْصٌ (رَبُّ) بِرَفْعِ الْبَاءِ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْجَرِّ عَلَى نَعْتِ الرَّبِّ فِي قَوْلِهِ: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ - لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا} [المزمل: 8 - 9] قَيِّمًا بِأُمُورِكَ فَفَوِّضْهَا إِلَيْهِ.

[10] {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا} [المزمل: 10] نَسَخَتْهَا آيَةُ الْقِتَالِ.

[11] {وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا} [المزمل: 11] نَزَلَتْ فِي صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ الْمُسْتَهْزِئِينَ. وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: نَزَلَتْ في المطعمين ببدر فلم يَكُنْ إِلَّا يَسِيرٌ حَتَّى قُتِلُوا ببدر.

[12] {إِنَّ لَدَيْنَا} [المزمل: 12] عندنا في الآخرة، {أَنْكَالًا} [المزمل: 12] قُيُودًا عِظَامًا لَا تَنْفَكُّ أَبَدًا، وَاحِدُهَا نَكَلٌ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: أَغْلَالًا من حديد، {وَجَحِيمًا} [المزمل: 12]

[13] {وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ} [المزمل: 13] غير سائغة يأخذ بالحق لَا يَنْزِلُ وَلَا يَخْرُجُ وَهُوَ الزقوم {وَعَذَابًا أَلِيمًا} [المزمل: 13]

[14] {يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ} [المزمل: 14] أَيْ تَتَزَلْزَلُ وَتَتَحَرَّكُ، {وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا} [المزمل: 14] رَمْلًا سَائِلًا، قَالَ الْكَلْبِيُّ: هُوَ الرمل الذي أَخَذْتَ مِنْهُ شَيْئًا تَبِعَكَ مَا بَعْدَهُ، يُقَالُ: أَهَلْتُ الرَّمْلَ أُهِيلُهُ هَيْلًا إِذَا حَرَّكْتُ أَسْفَلَهُ حَتَّى انْهَالَ مِنْ أَعْلَاهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015