مَا لَكَمَ لَا تُعَظِّمُونَ اللَّهَ حَقَّ عَظَمَتِهِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: لَا تخافون الله حق عظمته. والرجاء: بمعنى الخوف، والوقار. العفة، اسْمٌ مِنَ التَّوْقِيرِ وَهُوَ التَّعْظِيمُ. قَالَ: الْحَسَنُ: لَا تَعْرِفُونَ لِلَّهِ حَقًا وَلَا تَشْكُرُونَ لَهُ نِعْمَةً. قَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: مَا لَكَمَ لَا تَرْجُونَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ أَنْ يُثِيبَكُمْ عَلَى تَوْقِيرِكُمْ إِيَّاهُ خيرا.
[14] {وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} [نوح: 14] تارات، حال بَعْدَ حَالٍ نُطْفَةً ثُمَّ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً إِلَى تَمَامِ الْخَلْقِ.
[15] {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا - وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا} [نوح: 15 - 16] قَالَ الْحَسَنُ: يَعْنِي فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، كَمَا يُقَالُ: أَتَيْتُ بَنِي تَمِيمٍ وَإِنَّمَا أَتَى بَعْضَهُمْ، وَفُلَانٌ مُتَوَارٍ فِي دُورِ بَنِي فُلَانٍ وهو في دار واحدة.
[16] {وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا} [نوح: 16] مِصْبَاحًا مُضِيئًا.
[17] {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} [نوح: 17] أراد مبدأ خلق أبي البشر آدَمَ خَلَقَهُ مِنَ الْأَرْضِ، وَالنَّاسُ ولده، قوله: (نَبَاتًا) اسْمٌ جُعِلَ فِي مَوْضِعِ المصدر أي نباتا قَالَ الْخَلِيلُ: مَجَازُهُ: أَنْبَتَكُمْ فَنَبَتُّمْ نباتا.
[18] {ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا} [نوح: 18] بعد الموت، {وَيُخْرِجُكُمْ} [نوح: 18] مِنْهَا يَوْمَ الْبَعْثِ أَحْيَاءً {إِخْرَاجًا} [نوح: 18]
[19] {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا} [نوح: 19] فَرَشَهَا وَبَسَطَهَا لَكُمْ.
[20] {لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا} [نوح: 20] طُرُقًا وَاسِعَةً.
[21] {قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي} [نوح: 21] يعني لَمْ يُجِيبُوا دَعْوَتِي، {وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا} [نوح: 21] يَعْنِي اتَّبَعَ السَّفَلَةُ وَالْفُقَرَاءُ الْقَادَةَ والرؤساء الذين هم لَمْ يَزِدْهُمْ كَثْرَةُ الْمَالِ وَالْوَلَدِ إِلَّا ضَلَالًا فِي الدُّنْيَا وَعُقُوبَةً فِي الْآخِرَةِ.
[22] {وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا} [نوح: 22] أَيْ كَبِيرًا عَظِيمًا، يُقَالُ: كَبِيرٌ وكبار، بالتخفيف، وكبار بالتشديد، شدد المبالغة، كُلُّهَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ كَمَا يُقَالُ: أمر عجيب وعجاب بالتشديد أَشَدُّ فِي الْمُبَالَغَةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي مَكْرِهِمْ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالُوا قولا عظيما. قال الضَّحَّاكُ: افْتَرَوْا عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبُوا رُسُلَهُ. وَقِيلَ. مَنَعَ الرُّؤَسَاءُ أَتْبَاعَهُمْ عن الإيمان بنوح وحرشوهم على قتله.
[23] {وَقَالُوا} [نوح: 23] لهم، {لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ} [نوح: 23] أي عبادتها {وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا} [نوح: 23] قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بِضَمِّ الْوَاوِ وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا، {وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: 23] هَذِهِ أَسْمَاءُ آلِهَتِهِمْ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: هَذِهِ أَسْمَاءُ قَوْمٍ صَالِحِينَ كَانُوا بَيْنَ آدَمَ وَنُوحٍ، فَلَمَّا مَاتُوا كَانَ لَهُمْ أَتْبَاعٌ يقتدون بهم ويأخذون بعدهم مأخذهم فِي الْعِبَادَةِ فَجَاءَهُمْ إِبْلِيسُ وَقَالَ لَهُمْ: لَوْ صَوَّرْتُمْ صُوَرَهُمْ كَانَ أَنْشَطَ لَكُمْ وَأَشْوَقَ إِلَى الْعِبَادَةِ، فَفَعَلُوا ثُمَّ نَشَأَ قَوْمٌ بَعْدَهُمْ فَقَالَ لَهُمْ إِبْلِيسُ: إِنَّ الَّذِينَ مَنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَهُمْ فَعَبَدُوهُمْ، فَابْتِدَاءُ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ كَانَ مِنْ ذَلِكَ