[18] فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ: {يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا} [الشورى: 18] ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّهَا غَيْرُ آتِيَةٍ، {وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ} [الشورى: 18] أَيْ خَائِفُونَ، {مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ} [الشورى: 18] أَنَّهَا آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا، {أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ} [الشورى: 18] يخاصمون وقيل يدخلهم الْمِرْيَةُ وَالشَّكُّ، {فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ} [الشورى: 18]

[19] {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ} [الشورى: 19] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: حَفِيٌّ بِهِمْ. قَالَ عِكْرِمَةُ: بَارٌّ بِهِمْ. قَالَ الْسُّدِّيُّ. رَفِيقٌ. قَالَ مُقَاتِلٌ: لَطِيفٌ بالبَرِّ وَالْفَاجِرِ حيث لا يُهْلِكْهُمْ جُوعًا بِمَعَاصِيهِمْ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قوله: {يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ} [الشورى: 19] وَكُلُّ مَنْ رَزَقَهُ اللَّهُ مِنْ مُؤْمِنٍ وَكَافِرٍ وَذِي رُوحٍ فَهُوَ مِمَّنْ يَشَاءُ اللَّهُ أَنْ يَرْزُقَهُ. قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ. اللُّطْفُ فِي الرِّزْقِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدِهِمَا: أَنَّهُ جَعَلَ رِزْقَكَ مِنَ الطَّيِّبَاتِ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْهُ إليك مرة واحدة. {وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ} [الشورى: 19]

[20] {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ} [الشورى: 20] الْحَرْثُ فِي اللُّغَةِ: الْكَسْبُ، يَعْنِي مَنْ كَانَ يُرِيدُ بِعَمَلِهِ الْآخِرَةَ، {نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ} [الشورى: 20] بِالتَّضْعِيفِ بِالْوَاحِدِ عَشَرَةً إِلَى مَا شَاءَ اللَّهُ مِنَ الزِّيَادَةِ، {وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا} [الشورى: 20] يُرِيدُ بِعَمَلِهِ الدُّنْيَا، {نُؤْتِهِ مِنْهَا} [الشورى: 20] قَالَ قَتَادَةُ: أَيْ نُؤْتِهِ بِقَدْرِ مَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ، كَمَا قَالَ: {عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} [الْإِسْرَاءِ: 18] {وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} [الشورى: 20] لأنه لم يعمل للآخرة.

[21] قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21] يعني كفار مكة، يقول ألهم آلِهَةٌ سَنُّوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: شَرَعُوا لَهُمْ دِينًا غَيْرَ دِينِ الْإِسْلَامِ، {وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ} [الشورى: 21] لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ حَكَمَ فِي كَلِمَةِ الْفَصْلِ بَيْنَ الْخَلْقِ بِتَأْخِيرِ الْعَذَابِ عَنْهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، حَيْثُ قَالَ: {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ} [القمر: 46] {لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} [الشورى: 21] لَفَرَغَ مِنْ عَذَابِ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَكَ في الدنيا، {وَإِنَّ الظَّالِمِينَ} [الشورى: 21]

المشركين، {لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الشورى: 21] في الآخرة.

[22] {تَرَى الظَّالِمِينَ} [الشورى: 22] المشركين يوم القيامة، {مُشْفِقِينَ} [الشورى: 22] وَجِلِينَ، {مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ} [الشورى: 22] جزاء كسبهم وقع بِهِمْ، {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} [الشورى: 22]

قوله تعالى ذلك الذي يبشر الله عباده الذين

[قوله تعالى ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ] آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى. . .

[23] {ذَلِكَ الَّذِي} [الشورى: 23] ذَكَرْتُ مِنْ نَعِيمِ الْجَنَّةِ، {يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [الشورى: 23] فَإِنَّهُمْ أَهْلُهُ، {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عنهما-: يَعْنِي أَنْ تَحْفَظُوا قَرَابَتِي وَتَوَدُّونِي وتصلوا رحمي. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَى مَا أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا أَنْ تَحْفَظُونِي فِي قَرَابَتِي بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، وَلَيْسَ كَمَا يَقُولُ الْكَذَّابُونَ. وقال الحسن: هُوَ الْقُرْبَى إِلَى اللَّهِ، يَقُولُ: إِلَّا التَّقَرُّبَ إِلَى اللَّهِ وَالتَّوَدُّدَ إِلَيْهِ بِالطَّاعَةِ وَالْعَمَلِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015