[13] {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا} [غافر: 13] يَعْنِي الْمَطَرَ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الأرزاق، {وَمَا يَتَذَكَّرُ} [غافر: 13] وَمَا يَتَّعِظُ بِهَذِهِ الْآيَاتِ {إِلَّا مَنْ يُنِيبُ} [غافر: 13] يَرْجِعُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ.
[14] {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [غافر: 14] الطَّاعَةَ وَالْعِبَادَةَ. {وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [غافر: 14]
[15] {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ} [غافر: 15] رَافِعُ دَرَجَاتِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ فِي الجنة {ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ} [غافر: 15] يُنَزِّلُ الْوَحْيَ، سَمَّاهُ رُوحًا لِأَنَّهُ تَحْيَا بِهِ الْقُلُوبُ كَمَا تَحْيَا الأبدان بالأرواح، {مِنْ أَمْرِهِ} [غافر: 15] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مِنْ قَضَائِهِ. وَقِيلَ: مِنْ قَوْلِهِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: بِأَمْرِهِ. {عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ} [غافر: 15] أَيْ لِيُنْذِرَ النَّبِيُّ بِالْوَحْيِ، {يَوْمَ التَّلَاقِ} [غافر: 15] وَقَرَأَ يَعْقُوبُ بِالتَّاءِ أَيْ لِتُنْذِرَ أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ يَوْمَ التَّلَاقِ، يَوْمَ يَلْتَقِي أَهْلُ السَّمَاءِ وَأَهْلُ الأرض. وقال قَتَادَةُ: وَمُقَاتِلٌ: يَلْتَقِي فِيهِ الْخَلْقُ وَالْخَالِقُ. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: يَتَلَاقَى الْعِبَادُ. وَقَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: يَلْتَقِي الظَّالِمُ وَالْمَظْلُومُ وَالْخُصُومُ. وَقِيلَ: يَلْتَقِي الْعَابِدُونَ وَالْمَعْبُودُونَ. وَقِيلَ: يَلْتَقِي فِيهِ الْمَرْءُ مَعَ عَمَلِهِ.
[16] {يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ} [غافر: 16] خَارِجُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ ظَاهِرُونَ لَا يَسْتُرُهُمْ شَيْءٌ، {لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ} [غافر: 16] من أعمالهم وأحوالهم، {شَيْءٌ} [غافر: 16] ويقول اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بَعْدَ فَنَاءِ الْخَلْقِ، {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} [غافر: 16] فلا أحد يجيبه فيجيب بنفسه فيقول، {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر: 16] الذي قهر الخلق بالموت.
[قوله تعالى الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ] الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ. . .
[17] {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [غافر: 17] يُجْزَى الْمُحْسِنَ بِإِحْسَانِهِ وَالْمُسِيءَ بِإِسَاءَتِهِ، {لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [غافر: 17]
[18] {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ} [غافر: 18] يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا قَرِيبَةٌ إِذْ كَلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَزِفَتِ الْآزِفَةُ} [النَّجْمِ: 57] أَيْ قَرُبَتِ الْقِيَامَةُ. {إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ} [غافر: 18] وَذَلِكَ أَنَّهَا تَزُولُ عَنْ أَمَاكِنِهَا مِنَ الْخَوْفِ حَتَّى تَصِيرَ إِلَى الحناجر، فهي لا تعود إلى أماكنها وهي لا تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ فَيَمُوتُوا وَيَسْتَرِيحُوا، {كَاظِمِينَ} [غافر: 18] مَكْرُوبِينَ مُمْتَلِئِينَ خَوْفًا وَحُزْنًا، وَالْكَظْمُ تَرَدُّدُ الْغَيْظِ وَالْخَوْفِ وَالْحُزْنِ فِي الْقَلْبِ حَتَّى يَضِيقَ بِهِ. {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ} [غافر: 18] قَرِيبٌ يَنْفَعُهُمْ، {وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر: 18] فَيَشْفَعُ فِيهِمْ.
[19] {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ} [غافر: 19] أَيْ خِيَانَتَهَا وَهِيَ مُسَارَقَةُ النَّظَرِ إِلَى مَا لَا يَحِلُّ. قَالَ مجاهد: نَظَرُ الْأَعْيُنِ إِلَى مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ. {وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر: 19]
[20] {وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ} [غافر: 20] يَعْنِي الْأَوْثَانَ، {لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ} [غافر: 20] لِأَنَّهَا لَا تَعْلَمُ شَيْئًا وَلَا تقدر على شيء {إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [غافر: 20]
[21] {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ} [غافر: 21]