بِالْمُتَّقِينَ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَيْ لَا نَجْعَلُ ذلك.

[29] {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ} [ص: 29] أَيْ هَذَا الْكِتَابُ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ، {مُبَارَكٌ} [ص: 29] كثير خيره ونفعه، {لِيَدَّبَّرُوا} [ص: 29] أي ليتدبروا، {آيَاتِهِ} [ص: 29] وليتفكروا فيها، وقرأ أبو جعفر (ليتدبروا) بِتَاءٍ وَاحِدَةٍ وَتَخْفِيفِ الدَّالِّ، قَالَ الْحَسَنُ: تَدَبُّرُ آيَاتِهِ اتِّبَاعُهُ، {وَلِيَتَذَكَّرَ} [ص: 29] ليتعظ، {أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: 29] 30،

[31] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ - إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ} [ص: 30 - 31] وَالصَّافِنَاتُ هِيَ الْخَيْلُ الْقَائِمَةُ عَلَى ثَلَاثِ قَوَائِمَ وَأَقَامَتْ وَاحِدَةً عَلَى طَرَفِ الْحَافِرِ مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ، يُقَالُ: صَفَنَ الْفَرَسُ يَصْفِنُ صُفُونًا إِذَا قَامَ عَلَى ثَلَاثَةِ قَوَائِمَ، وَقَلَبَ أَحَدَ حَوَافِرِهِ. وَقِيلَ: الصافن في اللغة القائم. وَالْجِيَادُ الْخِيَارُ السِّرَاعُ، وَاحِدُهَا جَوَادٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُمَا: يُرِيدُ الْخَيْلَ السَّوَابِقَ.

[32] {فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ} [ص: 32] أَيْ آثَرْتُ حُبَّ الْخَيْرِ وَأَرَادَ بِالْخَيْرِ الْخَيْلَ، وَالْعَرَبُ تُعَاقِبُ بَيْنَ الرَّاءِ وَاللَّامِ، فَتَقُولُ: خَتَلْتُ الرَّجُلَ وَخَتَرْتُهُ، أَيْ خَدَعْتُهُ، وَسُمِّيَتِ الْخَيْلُ خَيْرًا لِأَنَّهُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِيهَا الْخَيْرُ، الأجر والمغنم، قال مقاتل: يَعْنِي الْمَالَ فَهِيَ الْخَيْلُ الَّتِي عُرِضَتْ عَلَيْهِ. {عَنْ ذِكْرِ رَبِّي} [ص: 32] يَعْنِي عَنِ الصَّلَاةِ وَهِيَ صَلَاةُ العصر. {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص: 32] أي توارت الشمس بالحجاب أي اسْتَتَرَتْ بِمَا يَحْجُبُهَا عَنِ الْأَبْصَارِ.

[33] {رُدُّوهَا عَلَيَّ} [ص: 33] أَيْ رُدُّوا الْخَيْلَ عَلَيَّ فَرَدُّوهَا، {فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} [ص: 33] قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: طَفِقَ يَفْعَلُ مِثْلُ: مَا زَالَ يَفْعَلُ، وَالْمُرَادُ بِالْمَسْحِ الْقَطْعُ، فَجَعَلَ يَضْرِبُ سُوقَهَا وَأَعْنَاقَهَا بِالسَّيْفِ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَمُقَاتِلٍ وَأَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ، وَكَانَ ذَلِكَ مُبَاحًا لَهُ لِأَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ يَقْدَمُ عَلَى مُحَرَّمٍ، وَلَمْ يَكُنْ يَتُوبُ عَنْ ذَنْبٍ بِذَنْبٍ آخَرَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: لَمْ يُعَنِّفْهُ اللَّهُ عَلَى عَقْرِ الْخَيْلِ إذ كَانَ ذَلِكَ أَسَفًا عَلَى مَا فَاتَهُ مِنْ فَرِيضَةِ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ ذَبَحَهَا ذَبْحًا وَتَصَدَّقَ بِلُحُومِهَا، وَكَانَ الذَّبْحُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ مُبَاحًا فِي شَرِيعَتِهِ. وَقَالَ قَوْمٌ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ حَبَسَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَكَوَى سُوقَهَا وَأَعْنَاقَهَا بِكَيِّ الصَّدَقَةِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَابْنُ كَيْسَانَ: إِنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ سُوقَهَا وَأَعْنَاقَهَا بِيَدِهِ يَكْشِفُ الْغُبَارَ عَنْهَا حُبًّا لَهَا وَشَفَقَةً عَلَيْهَا، وَهَذَا قَوْلٌ ضَعِيفٌ، وَالْمَشْهُورُ هو الأول.

[34] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ} [ص: 34] اختبرناه وابتليناه بسلب ملكه، {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ} [ص: 34] أَيْ رَجَعَ إِلَى مُلْكِهِ بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَلَمَّا رَجَعَ.

[35] {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: 35] قَالَ مُقَاتِلٌ وَابْنُ كَيْسَانَ: لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015