وكبر الكبش وكبر إبراهيم وَكَبَّرَ ابْنُهُ، فَأَخَذَ إِبْرَاهِيمُ الْكَبْشَ فَأَتَى بِهِ الْمَنْحَرَ مِنْ مِنًى فذبحه، قَالَ مُجَاهِدٌ: سَمَّاهُ عَظِيمًا لِأَنَّهُ مُتَقَبَّلٌ. وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ: لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. وَقِيلَ: عَظِيمٌ فِي الشَّخْصِ. وَقِيلَ: في الثواب.
[108] {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ} [الصافات: 108] أَيْ تَرَكَنَا لَهُ فِي الْآخَرِينَ ثَنَاءً حَسَنًا.
[109- 112] {سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ - كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ - إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ - وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} [الصافات: 109 - 112] فَمَنْ جَعَلَ الذَّبِيحَ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: بَشَّرَهُ بَعْدَ هَذِهِ الْقِصَّةِ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا جَزَاءً لِطَاعَتِهِ، وَمَنْ جَعَلَ الذَّبِيحَ إِسْحَاقَ قَالَ: بُشِّرَ إِبْرَاهِيمُ بِنُبُوَّةِ إِسْحَاقَ. رَوَاهُ عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ: بُشِّرَ بِهِ مَرَّتَيْنِ حِينَ وُلِدَ وَحِينَ نُبِّئَ.
[113] {وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ} [الصافات: 113] يَعْنِي عَلَى إِبْرَاهِيمَ فِي أَوْلَادِهِ، {وَعَلَى إِسْحَاقَ} [الصافات: 113] يكون أَكْثَرِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ نَسْلِهِ، {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ} [الصافات: 113] أي مؤمن، {وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} [الصافات: 113] أي كافر، {مُبِينٌ} [الصافات: 113] أي ظاهر الكفر.
[114] قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ} [الصافات: 114] أنعمنا عليهم بالنبوة.
[115] {وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا} [الصافات: 115] بَنِي إِسْرَائِيلَ، {مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ} [الصافات: 115] أَيِ الْغَمِّ الْعَظِيمِ وَهُوَ الَّذِي كَانُوا فِيهِ مِنِ اسْتِعْبَادِ فِرْعَوْنَ إِيَّاهُمْ. وَقِيلَ: مِنَ الْغَرَقِ.
[116] {وَنَصَرْنَاهُمْ} [الصافات: 116] يَعْنِي مُوسَى وَهَارُونَ وَقَوْمَهُمَا، {فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ} [الصافات: 116] عَلَى الْقِبْطِ.
[117] {وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ} [الصافات: 117] أَيْ الْمُسْتَنِيرَ وَهُوَ التَّوْرَاةُ.
[118- 122] {وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ - وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ - سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ - إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ - إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ} [الصافات: 118 - 122]
[123] قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} [الصافات: 123] رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: إِلْيَاسُ هُوَ إِدْرِيسُ. وَفِي مُصْحَفِهِ: وَإِنَّ إِدْرِيسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ. وَهَذَا قَوْلُ عِكْرِمَةَ، وَقَالَ الْآخَرُونَ: هُوَ نَبِيٌّ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ ابْنُ عَمِّ الْيَسَعَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: هُوَ إِلْيَاسُ بْنُ بِشْرِ بْنِ فِنْحَاصَ بْنِ الْعَيْزَارِ بْنِ هَارُونَ بْنِ عِمْرَانَ.
[124 , 125] {إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ - أَتَدْعُونَ} [الصافات: 124 - 125] أتعبدون، {بَعْلًا} [الصافات: 125] وَهُوَ اسْمُ صَنَمٍ لَهُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَهُ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ مَدِينَتُهُمْ بَعْلَبَكَّ، قَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَقَتَادَةُ: الْبَعْلُ الرَّبُّ بِلُغَةِ أَهْلِ الْيَمَنِ. {وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ} [الصافات: 125] فلا تعبدونه.
[126] {اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ} [الصافات: 126] قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ وَيَعْقُوبُ (اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ) بِنَصْبِ الْهَاءِ وَالْبَاءَيْنِ عَلَى الْبَدَلِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ برفعهن على الاستئناف.
[قوله تعالى فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ إِلَّا عِبَادَ] اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ. . .
[127] {فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} [الصافات: 127] فِي النَّارِ.
[128] {إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} [الصافات: 128] مِنْ قَوْمِهِ فَإِنَّهُمْ نَجَوْا مِنَ الْعَذَابِ.
[129، 130] {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ - سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ} [الصافات: 129 - 130] قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ (آلِ يا سين) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مُشْبَعَةً وَكَسْرِ اللَّامِ مَقْطُوعَةً لِأَنَّهَا فِي الْمُصْحَفِ مَفْصُولَةً، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ مَوْصُولَةً، فَمَنْ قَرَأَ (آلِ يس) مَقْطُوعَةً قِيلَ: أَرَادَ آلَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا الْقَوْلُ بِعِيدٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ ذِكْرٌ، وَقِيلَ: أَرَادَ إِلْيَاسَ، وَالْقِرَاءَةُ الْمَعْرُوفَةُ بِالْوَصْلِ، وَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَقَدْ قِيلَ: إِلْيَاسِينَ لُغَةٌ فِي إِلْيَاسَ مِثْلَ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْمَاعِينَ وَمِيكَائِيلَ وَمِيكَائِينَ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ جمع أراد إلياس وأصحابه وَأَتْبَاعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْأَشْعَرِينَ وَالْأَعْجَمِينَ بِالتَّخْفِيفِ، وَفِي حَرْفِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: سَلَامٌ عَلَى إِدْرَاسِيْنَ يَعْنِي إِدْرِيسَ وَأَتْبَاعَهُ، لِأَنَّهُ يَقْرَأُ: وَإِنَّ إِدْرِيسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ.
[131- 135] {إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ - إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ - وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ - إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ} [الصافات: 131 - 134]