الْخَوْفُ فَيَشْغَلُهُمْ عِظَمُ الْأَمْرِ عَنِ التَّسَاؤُلِ فَلَا يَتَسَاءَلُونَ، وَفِي مَوْطِنٍ يفيقون إفاقة فيتساءلون.

[102] قوله: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المؤمنون: 102]

[103] {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} [المؤمنون: 103]

[104] . {تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ} [المؤمنون: 104] أَيْ: تَسْفَعُ وَقِيلَ: تُحْرِقُ، {وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ} [المؤمنون: 104] عابسون.

قوله تعالى ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها

[قوله تعالى أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا] تُكَذِّبُونَ. . . . .

[105] قوله تعالى: {أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ} [المؤمنون: 105] يَعْنِي الْقُرْآنَ تُخَوَّفُونَ بِهَا، {فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} [المؤمنون: 105]

[106] {قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا} [المؤمنون: 106] قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: شَقَاوَتُنَا بِالْأَلِفِ وَفَتْحِ الشِّينِ وَهُمَا لُغَتَانِ أَيْ: غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا الَّتِي كُتِبَتْ عَلَيْنَا فَلَمْ نَهْتَدِ. {وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ} [المؤمنون: 106] عَنِ الْهُدَى.

[107] {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا} [المؤمنون: 107] أَيْ: مِنَ النَّارِ، {فَإِنْ عُدْنَا} [المؤمنون: 107] لما تكره {فَإِنَّا ظَالِمُونَ} [المؤمنون: 107]

[108] {قَالَ اخْسَئُوا} [المؤمنون: 108] أبعدوا، {فِيهَا} [المؤمنون: 108] كَمَا يُقَالُ لِلْكَلْبِ إِذَا طُرِدَ اخسأ، {وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: 108] فِي رَفْعِ الْعَذَابِ فَإِنِّي لَا أَرْفَعُهُ عَنْكُمْ فَعِنْدَ ذَلِكَ أَيِسَ الْمَسَاكِينُ مِنَ الْفَرَجِ، قَالَ الْحَسَنُ. هُوَ آخِرُ كَلَامٍ يَتَكَلَّمُ بِهِ أَهْلُ النَّارِ ثُمَّ لَا يَتَكَلَّمُونَ بَعْدَهَا إِلَّا الشَّهِيقَ وَالزَّفِيرَ، وَيَصِيرُ لَهُمْ عُوَاءٌ كَعُوَاءِ الْكِلَابِ لَا يُفهمون ولا يفهمون.

[109] {إِنَّهُ} [المؤمنون: 109] الْهَاءُ فِي (إِنَّهُ) عِمَادٌ وَتُسَمَّى أَيْضًا الْمَجْهُولَةَ، {كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي} [المؤمنون: 109] وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ {يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ} [المؤمنون: 109]

[110] {فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا} [المؤمنون: 110] قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ (سُخْرِيًّا) بِضَمِّ السِّينِ هَاهُنَا وَفِي سُورَةِ ص، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِكَسْرِهِمَا وَاتَّفَقُوا عَلَى الضَّمِّ فِي سُورَةِ الزُّخْرُفِ. قَالَ الْخَلِيلُ: هُمَا لُغَتَانِ مِثْلَ قَوْلِهِمْ: بَحْرٌ لُجِّيٌّ، ولِجِّيٌّ بِضَمِّ اللَّامِ وَكَسْرِهَا، مِثْلَ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ وَدِرِّيٍّ، قَالَ الْفَرَّاءُ وَالْكِسَائِيُّ: الْكَسْرُ بِمَعْنَى الِاسْتِهْزَاءِ بِالْقَوْلِ، وَالضَّمُّ بِمَعْنَى التَّسْخِيرِ وَالِاسْتِعْبَادِ بِالْفِعْلِ وَاتَّفَقُوا فِي سُورَةِ الزُّخْرُفِ بِأَنَّهُ بِمَعْنَى التسخير، {حَتَّى أَنْسَوْكُمْ} [المؤمنون: 110] أَيْ: أَنْسَاكُمُ اشْتِغَالُكُمْ بِالِاسْتِهْزَاءِ بِهِمْ وَتَسْخِيرِهِمْ، {ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ} [المؤمنون: 110] نَظِيرُهُ {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ} [المُطَفِّفِينَ: 29] قَالَ مُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي بِلَالٍ وَعَمَّارٍ وَخَبَابٍ وَصُهَيْبٍ وَسَلْمَانَ وَالْفُقَرَاءِ من أصحابه، كان كفار قريش يستهزؤون بِهِمْ.

[111] {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا} [المؤمنون: 111] عَلَى أَذَاكُمْ وَاسْتِهْزَائِكُمْ فِي الدُّنْيَا، {أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ} [المؤمنون: 111] قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ (أَنَّهُمْ) بِكَسْرِ الْأَلْفِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِفَتْحِهَا، فَيَكُونُ فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ الثَّانِي إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِصَبْرِهِمُ الْفَوْزَ بِالْجَنَّةِ.

[112] {قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ} [المؤمنون: 112] قرأ حمزة والكسائي: وقل إن، على الأمر والنهي. وَمَعْنَى الْآيَةِ: قُولُوا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، فَأَخْرَجَ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الْوَاحِدِ، وَالْمُرَادُ منه الجماعة إذا كَانَ مَعْنَاهُ مَفْهُومًا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخِطَّابُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، أَيْ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ: قُلْ كَمْ عَلَى الْأَمْرِ، وَقَالَ أَنْ عَلَى الْخَبَرِ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ جَوَابٌ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ قَالَ فِيهِمَا جَمِيعًا أَيْ قال الله تعالى لِلْكُفَّارِ يَوْمَ الْبَعْثِ كَمْ لَبِثْتُمْ، {فِي الْأَرْضِ} [المؤمنون: 112] أَيْ: فِي الدُّنْيَا وَفِي الْقُبُورِ {عَدَدَ سِنِينَ} [المؤمنون: 112]

[113] {قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} [المؤمنون: 113] نَسُوا مُدَّةَ لَبْثِهِمْ فِي الدُّنْيَا لِعِظَمِ مَا هُمْ بِصَدَدِهِ مِنَ العذاب، {فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ} [المؤمنون: 113] الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ يَحْفَظُونَ أَعْمَالَ بَنِي آدَمَ وَيُحْصُونَهَا عَلَيْهِمْ.

[114] {قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ} [المؤمنون: 114] أَيْ: مَا لَبِثْتُمْ فِي الدُّنْيَا، {إِلَّا قَلِيلًا} [المؤمنون: 114] سَمَّاهُ قَلِيلًا لِأَنَّ الْوَاحِدَ وَإِنْ طَالَ مُكْثُهُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُ يَكُونُ قَلِيلًا فِي جَنْبِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015