عَمْرٍو وَابْنُ عَامِرٍ (تُسَيَّرُ " بِالتَّاءِ وَفَتْحِ الْيَاءِ " الْجِبَالُ " رَفْعٌ ") دَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ} [التَّكْوِيرِ: 3] وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالنُّونِ وَكَسْرِ الياء، الجبال نصب، وسير الْجِبَالِ نَقْلُهَا مِنْ مَكَانٍ إِلَى مكان، {وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً} [الكهف: 47] أَيْ ظَاهِرَةٌ لَيْسَ عَلَيْهَا شَجَرٌ وَلَا جَبَلٌ وَلَا نَبَاتٌ، كَمَا قَالَ: {فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا - لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا} [طَهَ: 106 - 107] قَالَ عَطَاءٌ: هُوَ بُرُوزُ مَا فِي بَاطِنِهَا مِنَ الْمَوْتَى وَغَيْرِهِمْ، فَتَرَى بَاطِنَ الْأَرْضِ ظَاهِرًا، {وَحَشَرْنَاهُمْ} [الكهف: 47] جَمِيعًا إِلَى الْمَوْقِفِ وَالْحِسَابِ، {فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ} [الكهف: 47] أي نترك منهم، {أَحَدًا} [الكهف: 47]

[48] {وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا} [الكهف: 48] أَيْ صَفًّا صَفًّا فَوْجًا فَوْجًا، لَا أَنَّهُمْ صَفٌّ وَاحِدٌ. وَقِيلَ: قِيَامًا، ثُمَّ يُقَالُ لَهُمْ يَعْنِي الْكُفَّارَ: {لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الكهف: 48] يَعْنِي أَحْيَاءً، وَقِيلَ: فُرَادَى كَمَا ذُكِرَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ. وَقِيلَ: غُرْلًا. {بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا} [الكهف: 48] يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُهُ لِمُنْكِرِي الْبَعْثِ.

[49] قوله تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ} [الكهف: 49] يعني كتاب أعمال العباد يوضع فِي أَيْدِي النَّاسِ فِي أَيْمَانِهِمْ وشمائلهم وقيل: معناه يوضع بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى. {فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ} [الكهف: 49] خائفين، {مِمَّا فِيهِ} [الكهف: 49] من الأعمال السيئة، {وَيَقُولُونَ} [الكهف: 49] إذا رأوها، {يا وَيْلَتَنَا} [الكهف: 49] يا هلاكنا، والويل والويلة الهلكة، وكان مَنْ وَقَعَ فِي هَلَكَةٍ دَعَا بِالْوَيْلِ، وَمَعْنَى النِّدَاءِ تَنْبِيهُ الْمُخَاطَبِينَ، {مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً} [الكهف: 49] مِنْ ذُنُوبِنَا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الصغيرة: التبسم، والكبيرة: الْقَهْقَهَةُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: الصغيرة: اللمم واللمس والقبلة، والكبيرة: الزنا. {إِلَّا أَحْصَاهَا} [الكهف: 49] عددها، قال السدي: كتبها أثبتها. قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: حَفِظَهَا {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا} [الْكَهْفِ: 49] مَكْتُوبًا مُثْبَتًا فِي كِتَابِهِمْ، {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف: 49] أَيْ لَا يَنْقُصُ ثَوَابُ أَحَدٍ عَمِلَ خَيْرًا. وَقَالَ الضَّحَاكُ: لَا يُؤَاخِذُ أَحَدًا بِجُرْمٍ لَمْ يَعْمَلْهُ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ: يُعْرَضُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَ عَرْضَاتٍ, فَأَمَّا الْعَرْضَتَانِ فَجِدَالٌ وَمَعَاذِيرُ, وَأَمَّا الْعَرْضَةُ الثَّالِثَةُ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَطِيرُ الصُّحُفُ فِي الْأَيْدِي, فَآخِذٌ بِيَمِينِهِ وَآخِذٌ بِشِمَالِهِ. وَرَفَعَهُ بَعْضُهُمْ عن أبي موسى.

[50] قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ} [الكهف: 50] يَقُولُ: وَاذْكُرْ يَا مُحَمَّدُ إِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ {فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ} [الكهف: 50] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ مِنْ حَيٍّ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يُقَالُ لَهُمُ الْجِنُّ خُلِقُوا مِنْ نَارِ السَّمُومِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: كَانَ مِنَ الْجِنِّ وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ, فَهُوَ أَصْلُ الْجِنِّ كَمَا أَنَّ آدَمَ أصل الإنس, {فَفَسَقَ} [الكهف: 50] أَيْ خَرَجَ, {عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} [الكهف: 50] عن طاعة ربه, {أَفَتَتَّخِذُونَهُ} [الكهف: 50] يَعْنِي يَا بَنِي آدَمَ {وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ} [الكهف: 50] أي أعداء عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ»

طور بواسطة نورين ميديا © 2015