فَحَلَّهَا وَفَلْقُ الْبَحْرِ وَالطُّوفَانُ وَالْجَرَادُ وَالْقُمَّلُ وَالضَّفَادِعُ وَالدَّمُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَقَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ: هِيَ الطُّوفَانُ وَالْجَرَادُ وَالْقُمَّلُ وَالضَّفَادِعُ وَالدَّمُ وَالْعَصَا وَالْيَدُ وَالسُّنُونَ وَنَقْصُ الثَّمَرَاتِ.

وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: الطَّمْسَ وَالْبَحْرَ بَدَلَ السِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثمرات. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُنَّ آيَاتُ الْكِتَابِ {فَاسْأَلْ} [الإسراء: 101] يَا مُحَمَّدُ، {بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ} [الإسراء: 101] مُوسَى، يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخِطَابُ مَعَهُ وَالْمُرَادُ غَيْرُهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَاطَبَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَمَرَهُ بِالسُّؤَالِ لِيَتَبَيَّنَ كَذِبَهُمْ مَعَ قَوْمِهِمْ. {فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسَى مَسْحُورًا} [الإسراء: 101] أَيْ: مَطْبُوبًا سَحَرُوكَ، قَالَهُ الْكَلْبِيُّ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَخْدُوعًا. وَقِيلَ: مَصْرُوفًا عَنِ الْحَقِّ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ: سَاحِرًا فَوَضَعَ الْمَفْعُولَ مَوْضِعَ الْفَاعِلِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ: مُعْطًى عِلْمُ السِّحْرِ، فَهَذِهِ الْعَجَائِبُ الَّتِي تَفْعَلُهَا مِنْ سِحْرِكَ.

[102] {قَالَ} [الإسراء: 102] موسى {لَقَدْ عَلِمْتَ} [الإسراء: 102] قَرَأَ الْعَامَّةُ بِفَتْحِ التَّاءِ خِطَابًا لِفِرْعَوْنَ، وَقَرَأَ الْكِسَائِيُّ بِضَمِّ التَّاءِ، وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَقَالَ: لَمْ يَعْلَمِ الْخَبِيثُ أَنَّ مُوسَى عَلَى الْحَقِّ، وَلَوْ عَلِمَ لَآمَنَ وَلَكِنْ مُوسَى هُوَ الَّذِي عَلِمَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَلِمَهُ فِرْعَوْنُ وَلَكِنَّهُ عَانَدَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النَّمْلُ: 14] وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ وَهِيَ نَصْبُ التَّاءِ أَصَحُّ فِي الْمَعْنَى وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْقُرَّاءِ، لِأَنَّ مُوسَى لَا يَحْتَجُّ عَلَيْهِ بِعِلْمِ نَفْسِهِ، وَلَا يَثْبُتُ عَنْ عَلِيٍّ رَفْعُ التَّاءِ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ رَجُلٍ مَنْ مُرَادٍ عَنْ عَلِيٍّ، وَذَلِكَ الرَّجُلَ مَجْهُولٌ وَلَمْ يَتَمَسَّكْ بِهَا أَحَدٌ مِنَ الْقُرَّاءِ غَيْرَ الْكِسَائِيُّ، {مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ} [الإسراء: 102] هَذِهِ الْآيَاتَ التِّسْعَ، {إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ} [الإسراء: 102] جَمْعُ بَصِيرَةٍ أَيْ يُبَصَرُ بِهَا، {وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} [الإسراء: 102] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَلْعُونًا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هَالِكًا. وَقَالَ قَتَادَةُ: مُهْلَكًا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَيْ مَصْرُوفًا مَمْنُوعًا عَنِ الْخَيْرِ يُقَالُ: مَا ثَبَرَكَ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ أَيْ مَا مَنَعَكَ وَصَرَفَكَ عَنْهُ.

[103] {فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ} [الإسراء: 103] أي: أراد فرعون أن يستفزهم مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيلَ أَيْ يُخْرِجَهُمْ، {مِنَ الْأَرْضِ} [الإسراء: 103] يَعْنِي أَرْضَ مِصْرَ، {فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا} [الإسراء: 103] وَنَجَّيْنَا مُوسَى وَقَوْمَهُ.

[104] {وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ} [الإسراء: 104] أَيْ مِنْ بَعْدِ هَلَاكِ فِرْعَوْنَ، {لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ} [الإسراء: 104] يَعْنِي أَرْضَ مِصْرَ وَالشَّامِ، {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ} [الإسراء: 104] يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، {جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا} [الإسراء: 104] أَيْ: جَمِيعًا إِلَى مَوْقِفِ الْقِيَامَةِ. وَاللَّفِيفُ: الْجَمْعُ الْكَثِيرُ إِذَا كَانُوا مُخْتَلِطِينَ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ، يُقَالُ: لَفَّتِ الْجُيُوشُ إِذَا اخْتَلَطُوا وَجَمْعُ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ فِيهِمُ الْمُؤْمِنُ وَالْكَافِرُ وَالْبَرُّ وَالْفَاجِرُ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ يَعْنِي مَجِيءَ عِيسَى مِنَ السَّمَاءِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا أَيِ: النُّزَّاعُ مِنْ كُلِّ قوم من هنا وهنا لفوا جميعا.

قوله تعالى وبالحق أنزلناه وبالحق نزل وما

[قوله تعالى وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا] أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا. . . .

[105] {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ} [الإسراء: 105] يَعْنِي الْقُرْآنَ، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا} [الإسراء: 105] للمطيعين, {وَنَذِيرًا} [الإسراء: 105] للعاصين.

[106] {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ} [الإسراء: 106] قيل: أَنْزَلْنَاهُ نُجُومًا لَمْ يَنْزِلْ مَرَّةً وَاحِدَةً، بِدَلِيلِ قِرَاءَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ) بِالتَّشْدِيدِ، وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ بِالتَّخْفِيفِ، أَيْ: فَصَّلْنَاهُ. وَقِيلَ: بَيَّنَّاهُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: مَعْنَاهُ فَرَّقْنَا بِهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ. {لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} [الإسراء: 106] أي: على تؤدة وَتَرَسُّلٍ فِي ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، {وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} [الإسراء: 106]

[107] {قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا} [الإسراء: 107] هَذَا عَلَى طَرِيقِ الْوَعِيدِ وَالتَّهْدِيدِ، {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ} [الإسراء: 107] قِيلَ: هُمْ مُؤْمِنُو أَهْلِ الْكِتَابِ وَهُمُ الَّذِينَ كَانُوا يَطْلُبُونَ الدِّينَ قَبْلَ مَبْعَثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَسْلَمُوا بَعْدَ مَبْعَثِهِ، مِثْلُ زَيْدِ بْنِ عمر بْنِ نُفَيْلٍ وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَأَبِي ذَرٍّ وَغَيْرِهِمْ. {إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ} [الإسراء: 107] يعني القرآن {يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ} [الإسراء: 107] أَيْ: يَسْقُطُونَ عَلَى الْأَذْقَانِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَرَادَ بِهَا الْوُجُوهَ، {سُجَّدًا} [الإسراء: 107]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015