زِيَارَتِهِمْ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: لَمْ يَدْخُلْهَا - يَعْنِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ - بَعْدَ عِمَارَتِهَا رُومِيٌّ إِلَّا خَائِفًا لَوْ عُلِمَ بِهِ قتل {لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ} [البقرة: 114] عَذَابٌ وَهَوَانٌ، قَالَ قَتَادَةُ: هُوَ الْقَتْلُ لِلْحَرْبِيِّ وَالْجِزْيَةُ لِلذِّمِّيِّ، قَالَ مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ: تُفْتَحُ مَدَائِنُهُمُ الثَّلَاثَةُ قُسْطَنْطِينِيَّةُ وَرُومِيَّةُ وَعَمُّورِيَةُ، {وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [البقرة: 114] وهو النَّارُ.

وَقَالَ عَطَاءٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ: نَزَلَتْ فِي مُشْرِكِي مَكَّةَ، وَأَرَادَ بِالْمَسَاجِدِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ مَنَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ مِنْ حَجِّهِ وَالصَّلَاةِ فِيهِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَإِذَا مَنَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم من أن يعمره بذكر الله فقد سعوا فِي خَرَابِهَا {أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ} [البقرة: 114] يَعْنِي: أَهْلَ مَكَّةَ، يَقُولُ: أَفْتَحُهَا عَلَيْكُمْ حَتَّى تَدْخُلُوهَا وَتَكُونُوا أَوْلَى بِهَا مِنْهُمْ، فَفَتَحَهَا عَلَيْهِمْ وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَادِيًا يُنَادِي أَلَا لَا يَحُجَّنَّ بَعْدَ هَذَا الْعَامِ مُشْرِكٌ (?) فَهَذَا خَوْفُهُمْ، وَثَبَتَ فِي الشَّرْعِ أَنْ لَا يُمَكَّنَ مُشْرِكٌ مِنْ دُخُولِ الْحَرَمِ، {لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ} [البقرة: 114] الذُّلُّ وَالْهَوَانُ وَالْقَتْلُ وَالسَّبْيُ وَالنَّفْيُ.

[115] {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} [البقرة: 115] مُلْكًا وَخَلْقًا {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ} [البقرة: 115] أَيْ غَنِيٌّ يُعْطِي مِنَ السِّعَةِ، قال الفراء: الواسع الجود الَّذِي يَسَعُ عَطَاؤُهُ كُلَّ شَيْءٍ، قَالَ الْكَلْبِيُّ: وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ {عَلِيمٌ} [البقرة: 115] بِنِيَّاتِهِمْ حَيْثُمَا صَلَّوْا وَدَعَوْا.

قوله تعالى وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له

[قَوْلُهُ تَعَالَى وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ] مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ. . . .

[116] قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} [البقرة: 116] قرأ ابن عامر (قالوا) ، بلا واو، وقرأ الآخرون {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} [البقرة: 116] نَزَلَتْ فِي يَهُودِ الْمَدِينَةِ حَيْثُ قَالُوا: عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَفِي نَصَارَى نَجْرَانَ حَيْثُ قَالُوا: الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ، وَفِي مُشْرِكِي الْعَرَبِ حَيْثُ قَالُوا: الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ، {سُبْحَانَهُ} [البقرة: 116] نزه وعظم نفسه، قَوْلُهُ تَعَالَى: {بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [البقرة: 116] عَبِيدًا وَمُلْكًا، {كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} [البقرة: 116] قَالَ مُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ وَالسُّدِّيُّ: مُطِيعُونَ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَمُقَاتِلٌ: مُقِرُّونَ لَهُ بِالْعُبُودِيَّةِ، وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: قَائِمُونَ بالشهادة، وأصل القنوت القيام، وَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ الْآيَةِ فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ حُكْمَ الْآيَةِ خَاصٌّ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: هُوَ رَاجِعٌ إِلَى عُزَيْرٍ وَالْمَسِيحِ وَالْمَلَائِكَةِ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: هُوَ رَاجِعٌ إِلَى أَهْلِ طَاعَتِهِ دُونَ سَائِرِ النَّاسِ، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ حُكْمَ الْآيَةِ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْخَلْقِ، لأن لفظ " كل " يقتضي الإحاطة بالشيء حيث لا يشذ منه شيء وَقِيلَ: قَانِتُونَ مُذَلَّلُونَ مُسَخَّرُونَ لِمَا خلقوا له.

[117] قوله عز وجل: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [البقرة: 117]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015