{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] قَالَ إِلَّا يُسْرَهَا وَلَمْ يُكَلِّفْهَا فوق طاقتها، وهذا قوله حَسَنٌ، لِأَنَّ الْوُسْعَ، مَا دُونُ الطَّاقَةِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَهَا مَا كَسَبَتْ} [البقرة: 286] أَيْ: لِلنَّفْسِ مَا عَمِلَتْ مِنَ الْخَيْرِ لَهَا أَجْرُهُ وَثَوَابُهُ {وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة: 286] مِنَ الشَّرِّ وَعَلَيْهَا وِزْرُهُ {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا} [البقرة: 286] أَيْ: لَا تُعَاقِبْنَا {إِنْ نَسِينَا} [البقرة: 286] جَعَلَهُ بَعْضُهُمْ مِنَ النِّسْيَانِ الَّذِي هو السهو، أمر اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَسْأَلُوهُ تَرْكَ مُؤَاخَذَتِهِمْ بِذَلِكَ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ النِّسْيَانِ الَّذِي هُوَ التَّرْكُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التَّوْبَةِ: 67] قوله تعالى: {أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286] قِيلَ: مَعْنَاهُ الْقَصْدُ وَالْعَمْدُ، يُقَالُ: أَخْطَأَ فُلَانٌ إِذَا تَعَمَّدَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} [الْإِسْرَاءِ: 31] قَالَ عَطَاءٌ: إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا، يَعْنِي: إِنْ جَهِلْنَا أَوْ تَعَمَّدْنَا، وَجَعَلَهُ الْأَكْثَرُونَ: مِنَ الْخَطَإِ الَّذِي هُوَ الْجَهْلُ وَالسَّهْوُ، لِأَنَّ مَا كَانَ عَمْدًا مِنَ الذَّنْبِ فَغَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ بَلْ هُوَ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ، وَالْخَطَأُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» (?) ". قَوْلُهُ تَعَالَى: {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا} [البقرة: 286] أي: عهدا ثقيلا وميثاقا ولا نَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ بِهِ فَتُعَذِّبُنَا بِنَقْضِهِ وَتَرْكِهِ، {كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} [البقرة: 286] يَعْنِي: الْيَهُودَ، فَلَمْ يَقُومُوا بِهِ فعذبتهم، وَقِيلَ مَعْنَاهُ: لَا تُشدّد وَلَا تُغلظ الْأَمْرَ عَلَيْنَا كَمَا شَدَدْتَ عَلَى مَنْ قَبِلْنَا مِنَ الْيَهُودِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسِينَ صَلَاةً وَأَمَرَهُمْ بِأَدَاءِ رُبْعِ أموالهم من الزَّكَاةِ، وَمَنْ أَصَابَ ثَوْبَهُ نَجَاسَةٌ قَطَعَهَا، وَمَنْ أَصَابَ ذَنْبًا أَصْبَحَ ذنبه مكتوبا عَلَى بَابِهِ، وَنَحْوَهَا مِنَ الْأَثْقَالِ والأغلال يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الْأَعْرَافِ: 157] وَقِيلَ: الْإِصْرُ ذَنْبٌ لَا تَوْبَةَ لَهُ، مَعْنَاهُ: اعْصِمْنَا مِنْ مِثْلِهِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ الْعَقْلُ وَالْإِحْكَامُ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} [البقرة: 286] أَيْ: لَا تُكَلِّفْنَا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا لَا نُطِيقُهُ، وَقِيلَ: هُوَ حَدِيثُ النَّفْسِ وَالْوَسْوَسَةِ، حُكِيَ عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ الْغُلْمَةُ، قِيلَ: الْغُلْمَةُ: شِدَّةُ الشَّهْوَةِ، وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: هُوَ الْحُبُّ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: العشق، وقال ابن جريج: وهو مَسْخُ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ، وَقِيلَ: هُوَ شَمَاتَةُ الْأَعْدَاءِ، وَقِيلَ: هُوَ الْفُرْقَةُ وَالْقَطِيعَةُ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا، قَوْلُهُ تعالى: {وَاعْفُ عَنَّا} [البقرة: 286] أَيْ: تَجَاوَزْ وَامْحُ عَنَّا ذُنُوبَنَا، {وَاغْفِرْ لَنَا} [البقرة: 286] أي: اسْتُرْ عَلَيْنَا ذُنُوبَنَا وَلَا تَفْضَحْنَا، {وَارْحَمْنَا} [البقرة: 286] فَإِنَّنَا لَا نَنَالُ الْعَمَلَ إِلَّا بِطَاعَتِكَ، وَلَا نَتْرُكُ مَعْصِيَتَكَ إِلَّا برحمتك، {أَنْتَ مَوْلَانَا} [البقرة: 286] نَاصِرُنَا وَحَافَظُنَا وَوَلِيُّنَا، {فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 286]

[سورة آل عمران]

[قوله تعالى الم اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ] . . .

(3) سورة آل عمران [1, 2] قوله تعالى: {الم - اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [آل عمران: 1 - 2] قوله تعالى: {اللَّهُ} [آل عمران: 2] ابتداء وما بعده خبره، و {الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [آل عمران: 2] نَعْتٌ لَهُ.

[3] {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ} [آل عمران: 3] أي: القرآن، {بِالْحَقِّ} [آل عمران: 3] بِالصِّدْقِ، {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} [آل عمران: 3] لِمَا قَبْلَهُ مِنَ الْكُتُبِ فِي التوحيد والنبوة وَالْأَخْبَارِ وَبَعْضِ الشَّرَائِعِ، {وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} [آل عمران: 3]

[4] {مِنْ قَبْلُ} [آل عمران: 4] وَإِنَّمَا قَالَ: {وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} [آل عمران: 3] لِأَنَّ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ أُنْزِلَا جُمْلَةً وَاحِدَةً، وَقَالَ فِي الْقُرْآنِ {نَزَّلَ} [آل عمران: 3] لِأَنَّهُ نَزَلَ مُفَصَّلًا، وَالتَّنْزِيلُ: لِلتَّكْثِيرِ، {هُدًى لِلنَّاسِ} [آل عمران: 4] هَادِيًا لِمَنْ تَبِعَهُ، وَلَمْ يُثَنِّهِ لأنه مصدر، {وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ} [آل عمران: 4] المفرق بين الحق والباطل {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [آل عمران: 4]

[5] {إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ} [آل عمران: 5]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015