[8] {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ} [الليل: 8] بالنفقة في الخير، {وَاسْتَغْنَى} [الليل: 8] عَنْ ثَوَابِ اللَّهِ فَلَمْ يَرْغَبْ فِيهِ.

[9، 10] {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى - فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: 9 - 10] سنهينه لِلشَّرِّ بِأَنْ نُجْرِيَهُ عَلَى يَدَيْهِ حَتَّى يَعْمَلَ بِمَا لَا يُرْضِي اللَّهَ، فَيَسْتَوْجِبُ بِهِ النَّارَ. قَالَ مُقَاتِلٌ: نُعَسِّرُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ خيرا.

[11] {وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ} [الليل: 11] الَّذِي بَخِلَ بِهِ، {إِذَا تَرَدَّى} [الليل: 11] قَالَ مُجَاهِدٌ: إِذَا مَاتَ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَأَبُو صَالِحٍ: هَوَى فِي جهنم.

[12] {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى} [الليل: 12] يَعْنِي الْبَيَانَ. قَالَ الزَّجَّاجُ: عَلَيْنَا أَنْ نُبَيِّنَ طَرِيقَ الْهُدَى مِنْ طَرِيقِ الضَّلَالِ، وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ، قَالَ: عَلَى اللَّهِ بَيَانُ حَلَالِهِ وَحَرَامِهِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: يَعْنِي مَنْ سَلَكَ الْهُدَى فَعَلَى اللَّهِ سَبِيلُهُ، كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ} [النَّحْلِ: 9] يَقُولُ: مَنْ أَرَادَ اللَّهَ فَهُوَ عَلَى السَّبِيلِ الْقَاصِدِ.

[13] {وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى} [الليل: 13] فَمَنْ طَلَبَهُمَا مِنْ غَيْرِ مَالِكِهِمَا فقد أخطأ الطريق.

[14] {فَأَنْذَرْتُكُمْ} [الليل: 14] يَا أَهْلَ مَكَّةَ {نَارًا تَلَظَّى} [الليل: 14] أَيْ تَتَلَظَّى يَعْنِي تَتَوَقَّدُ وَتَتَوَهَّجُ.

[15 - 16] {لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى} [الليل: 15] {الَّذِي كَذَّبَ} [الليل: 16] الرسول، {وَتَوَلَّى} [الليل: 16] عن الإيمان.

[17] {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى} [الليل: 17] يُرِيدُ بِالْأَشْقَى الشَّقِيَّ، وَبِالْأَتْقَى التَّقِيَّ.

[18] {الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ} [الليل: 18] يعطي ماله، {يَتَزَكَّى} [الليل: 18] يَطْلُبُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ اللَّهِ زَاكِيًا لَا رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً، يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ الصَّدِيقَ، فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ، قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ يَبْتَاعُ الضَّعْفَةَ فَيُعْتِقُهُمْ، فَقَالَ أَبُوهُ: أَيْ بُنَيَّ لَوْ كُنْتَ تَبْتَاعُ مَنْ يَمْنَعُ ظَهْرَكَ؟ قَالَ: مَنْعَ ظَهْرِي أُرِيدُ، فنزل: {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى} [الليل: 17] إلى آخر السورة.

[19] {وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى} [الليل: 19] يد يكافئه عليها.

[20] {إِلَّا} [الليل: 20] لَكِنْ {ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى} [الليل: 20] يَعْنِي لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ مُجَازَاةً لِأَحَدٍ بِيَدٍ لَهُ عِنْدَهُ، وَلَكِنَّهُ يَفْعَلُهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى في الدار الآخرة.

[21] {وَلَسَوْفَ يَرْضَى} [الليل: 21] بِمَا يُعْطِيهِ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْجَنَّةِ وَالْكَرَامَةِ جَزَاءً عَلَى مَا فَعَلَ.

[سُورَةُ الضحى]

قوله تعالى والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك

[قوله تعالى وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ] وَمَا قَلَى. . .

(93) سورة الضحى [1] قوله - عز وجل -: {وَالضُّحَى} [الضحى: 1] أَقْسَمَ بِالضُّحَى وَأَرَادَ بِهِ النَّهَارَ كُلَّهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ قَابَلَهُ بِاللَّيْلِ إذا سجى، نظيره قوله: {أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى} [الْأَعْرَافِ: 98] أَيْ نَهَارًا. وَقَالَ قَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ: يَعْنِي وَقْتَ الضُّحَى، وَهِيَ السَّاعَةُ الَّتِي فِيهَا ارْتِفَاعُ الشَّمْسِ، وَاعْتِدَالُ النَّهَارِ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالصَّيْفِ والشتاء،

[2] {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} [الضحى: 2] قَالَ الْحَسَنُ: أَقْبَلَ بِظَلَامِهِ، وَهِيَ رِوَايَةُ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ الْوَالِبِيُّ عَنْهُ: إِذَا ذَهَبَ، قَالَ عَطَاءٌ وَالضَّحَّاكُ: غَطَّى كُلَّ شَيْءٍ بِالظُّلْمَةِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: اسْتَوَى. وَقَالَ قَتَادَةُ وَابْنُ زَيْدٍ: سَكَنَ وَاسْتَقَرَّ ظَلَامُهُ فَلَا يَزْدَادُ بَعْدَ ذَلِكَ. يُقَالُ: لَيْلٌ سَاجٍ وَبَحْرٌ ساج إذا كان ساكنا.

[3] {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: 3] هَذَا جَوَابُ الْقَسَمِ: أَيْ مَا تَرَكَكَ مُنْذُ اخْتَارَكَ وَلَا أَبْغَضَكَ مُنْذُ أَحَبَّكَ.

[4 - 5] {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى - وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضَّحَى: 4 - 5] قَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هُوَ الشَّفَاعَةُ فِي أُمَّتِهِ حَتَّى يَرْضَى، وَهُوَ قَوْلُ عَلَيٍّ وَالْحَسَنِ، قيل: (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ) مِنَ الثَّوَابِ. وَقِيلَ: مِنَ النَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ وَكَثْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ، (فَتَرْضَى) .

ثُمَّ أَخْبَرَهُ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَنْ حَالَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْوَحْيِ، وَذَكَّرَهُ نِعَمَهُ فَقَالَ - جَلَّ ذِكْرُهُ -:

[6] {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى} [الضحى: 6] أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015